+ A
A -
- 1 -
في كُلِّ الحقب لم تسلم قارة إفريقيا من الحروب والصراعات الداخلية الدامية. ما حدث في رواندا يعتبر المأساة الأكثر فظاعة في تاريخ الحروب الأهلية، حيث قُتِلَ خلال مائة يوم فقط بسبب المذابح الجماعية، نحو 800 ألف شخص في عام 1994 على يد متطرفين من قبائل الهوتو، الذين استهدفوا أفراد أقلية التوتسي، بالإضافة إلى خصومهم السياسيين الذين لا ينتمون إلى أصولهم العرقية.
- 2 -

الحرب الأهلية التي اشتعلت في دولة الصومال في مستهل التسعينيات، لا تزال تداعياتها مستمرة إلى اليوم.
حينما حاولت الولايات المتحدة الأميركية عبر قوات المارينز، أن تفرض سيطرتها على الصومال، مُنِيَتْ بهزيمة مُذِلَّة ومسح بكبريائها الأرض حتى أصبحت التجربة مانعا لها من التورط في إفريقيا مرة أخرى.
معظم الأقطار الإفريقية إذا سلمت من الحروب لا تسلم من الانقلابات والانفلاتات الأمنية.

- 3 -

البعثات العسكرية التابعة للأمم المتحدة والتي أُوليت لها مهام حفظ السلام في عددٍ من الدول الإفريقية لم تصب تجاربها نجاحاً كبيراً.
في دولة مثل دولة جنوب السودان الحديثة النشأة فشلت قوات الأمم المتحدة في الحد من المذابح في الصراع بين الرئيس سلفا كير ميارديت ونائبه رياك مشار.
حتى نشرت صحيفة الغارديان مقالاً تطرَّقت فيه إلى مُهمَّة بعثات الأمم المتحدة في مناطق النزاعات المسلحة والتحديات التي تُواجهها، ومسؤوليتها في حماية المدنيين وقدراتها على القيام بهذه المسؤولية، قالت فيه إن بعثات الأمم المتحدة مُخوَّلة بحماية المدنيين العزل، ولكن قوات حفظ السلام التابعة لها وقفت متفرِّجة بينما كانت القوات الحكومية تغتصب النساء والفتيات في جنوب السودان.

- 4 -

وفي تقرير نشرته منظمة العفو الدولية قبل سنوات على موقعها الإلكتروني، ذكرت أن «قوات حفظ السلام الدولية فشلت في منع التطهير العرقي للمدنيين المسلمين في الجزء الغربي من جمهورية إفريقيا الوسطى (الذي يقطنه معظم المسلمين في البلاد)».

- 5 -

ربما لكل ذلك شرعت قارة إفريقيا عبر الاتحاد الإفريقي في تكوين قوات خاصة بها للتدخل السريع. مثل منظمة إيساف التي تأسست في العام 2004م كنتاجٍ طبيعيٍّ لقناعة متخذي القرار في دول شرق إفريقيا بأهمية استقرار المنطقة والرغبة الأكيدة في النهوض بالشعوب عبر بوابة السلم والأمن، وهي تعتبر إحدى المجموعات الجغرافية الخمس التي أقرَّها الاتحاد الإفريقي وتضم في عضويتها عشر دول هي: بوروندي، جزر القمر، جيبوتي، إثيوبيا، كينيا، رواندا، الصومال، سيشل، السودان، ويوغندا.

- 6 -

تدور جميع أدوار المنظمة حول سبل تحقيق السلام من خلال احتواء الأزمات والكوارث، حماية النزاعات المسلحة واستعادة الاستقرار لدول الإقليم والقارة متى ما طلب ذلك باستخدام آليات ووسائل محددة تكفلها المبادئ والمواثيق المنصوص عليها. ومنذ التأسيس نفَّذَتْ آلية شرق إفريقيا مشروعات تدريبية وتمارين نوعية داخل وخارج حدود الإقليم.

- 7 -

يجري الآن الترتيب لتمرين تعبوي بالجنود (FTX.2017) تحت عنوان (سلام الشرق-2) في السودان بمنطقة جبيت بولاية البحر الأحمر والمزمع تنفيذه في الفترة من 22-6 نوفمبر 2017، وهو تمرين إقليمي نوعي يعد الأهم والأضخم من حيث عدد ونوعية المشاركين واختلاف جنسياتهم وكذلك المعدات والآليات المستخدمة، ويضم التمرين خبراء ومستشارين عسكريين ومدنيين من دول أوروبية ويحظى باهتمام محلي، إقليمي ودولي..
ويهدف التمرين بشكل أساسي إلى اختبار قدرة آلية شرق إفريقيا بمكوناتها الثلاثة (العسكري- الشرطي- المدني) على أداء مهامها وأدوارها وإمكانية إنجاز الأهداف.

- 8 -

وربما يكون هذا التمرين بمثابة البروفة الختامية لتكليف المنظمة بأدوار ومهام داخل الإقليم أو خارجه.
وبعقد المؤتمر التخطيطي النهائي في نهاية سبتمبر الجاري في بورتسودان تكون جميع التحضيرات قد اكتملت بالسودان لاحتضان فعاليات التمرين الذي تُجسِّد سيناريوهاته المعدة نموذجاً مثالياً للتدرُّب على عمليات حفظ السلام.
بقلم : ضياء الدين بلال
copy short url   نسخ
17/09/2017
3141