+ A
A -
قدم رئيس الحكومة المغربية الدكتور سعد الدين العثماني، الاثنين الماضي، في الرباط، بحضور قادة الأغلبية البرلمانية، حصيلة أربعة أشهر من العمل الحكومي، معلناً للرأي العام وثيقة تلخص المنجزات الأساسية لفريقه تحت شعار (120 يوماً 120 إجراءً).
الوثيقة تعتبر أن الحكومة استطاعت، تحقيق تقدم وعدد من الإنجازات المهمة رغم أنها انطلقت في سياق سياسي اكتنفته صعوبات وإكراهات وتحديات.
في المغرب، تقديم حصيلة المائة يوم، أصبح شيئاً فشيئاً يتحول إلى تقليد له مكانته في الأجندة السياسية للبلاد.
الأمر يتعلق في الواقع بتقليد مستورد من الديمقراطيات الغربية، حيث أصبح الرأي العام يستطيع فرض تصوره للزمن السياسي، ولم يعد للفاعلين سوى الانقياد وراء هواجس وسائل الإعلام.
لذلك فالتقليد في النهاية مجرد تمرين إعلامي، يخضع فيه السياسي لسطوة رجال ونساء التواصل، في عملية إعلامية عابرة قلما تكون موضوع نقاش عمومي عميق، أو ذات أثر داخل مدارات التداول المؤسساتي.
وهكذا يبدو التمرين، الذي يكاد يصبح محطة مرور إجباري للحكومات، صناعة إعلامية سريعة «الهضم»، وقابلة للنسيان مع توالي الوقائع والأحداث.
لكن هذا لا يمنع أن استبطان السياسيين لهذا الموعد، جعلهم- خاصة داخل الأنظمة الرئاسية وشبه الرئاسية- يقحمون داخل زحمة الوعود والبرامج قائمة بالإجراءات المقترحة المائة يوم الأولى، وهي إجراءات تتعلق في الغالب بقرارات رمزية قوية، يريد المتنافسون على السلطة أن تكون موضوع تعاقد مع الناخبين، وأن تؤشر على طريقتهم في ممارسة السياسة وتدبير الشأن العام، أو أن تطبع مرورهم في الحكم.
تقليد المائة يوم يرتبط كذلك بما يسمى بفترة «السماح» والتي تعني تلك المدة الزمنية الضرورية لاستئناس القادمين لدائرة الحكم بالملفات وبدواليب القرار، وهي المدة التي تفترض حداً أدنى من «السلم السياسي»، يجعل الطبقة السياسية الخارجة من صخب الحملات الانتخابية تلتقط أنفاسها، ويسمح بعدم تحول المعارضة إلى محاكمة مسبقة للنوايا، وحتى لا يسقط الحوار العمومي في فخ الابتعاد عن الموضوعية في الرصد والتقييم.
بقلم : حسن طارق
copy short url   نسخ
15/09/2017
2553