+ A
A -
قد يكون لما حدث فائدتان، الأولى صارت ملموسة ونحتاج لتعظيم فوائدها، والثانية يتوجب مواصلة العمل من أجل تحويلها إلى ذلك..
عن واقعة سخرية الممثل أحمد آدم المقززة من مجزرة حلب.. أتحدث.
أما الفائدة التي صارت ملموسة، ومن المهم العمل على زيادة الوعي بها وتعظيمها، فهي أن للناس.. للجمهور.. كلمة ورأيا وقدرة، على الرفض والضغط. وأن ضغطهم السلمي، له نتائج إيجابية.
فبعد إذاعة حلقة «بني آدم شو» التي سخر فيها مقدم البرنامج بأراجوزية غير آدمية، من دماء الشهداء وضحايا النظام السوري في مدينة حلب الصابرة والصامدة، انتفض الجمهور، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وفي مقدمتها فيس بوك، مطالبين بإيقاف البرنامج، ومهددين بمقاطعة القناة التي تذيعه، ومؤكدين أن أحمد «مش بني آدم»!. ما أجبر القناة على تقديم الاعتذار، استنكف أن يقدمه صاحب السقطة الأراجوزية المنحطة.
من المهم، ألا يتوقف الأمر عند آدم،- وهي الفائدة الثانية- لأنه مجرد نموذج للسقوط الإعلامي، وليس كل السقوط، هو من أعراض المرض، وليس كل الأعراض، ولا أسباب الداء، فهناك تجاوزات أخطر في قنوات أخرى. ولو صحت الأخبار التي نشرتها صحف مصرية، عن نية القناة، إيقاف برنامج «بني آدم شو»، وما يعنيه من أن ورما خبيثا في جسد الإعلام المصري المعتل قد استؤصل، فالأولى أن يخضع الورم للتشريح والتحليل، لتكون نتيجة التحاليل هادية ومرشدة في جراحات أخرى يجب أن تتم لتطهير هذا الجسد. فآدم ليس فريدا من نوعه، وليس الأول على طريق السقوط والانحطاط الإعلامي، وبالقطع لن يكون الأخير. فقبله سلسلة طويلة من السقوط والانحطاط الإعلامي، فلعلنا نتذكر المذيعة ريهام سعيد، والتي من المقارقات اللافتة، أن مأساة الأشقاء السوريين أيضا كانت إحدى مواد «السقوط» في برنامجها.
قائمة الانحطاط الإعلامي طويلة، من الخطأ الشائن في حق الأشقاء المغاربة، من قبل إحدى المذيعات، ما استوجب اعتذارها والقناة، إلى تلك الممثلة، رانيا محمود ياسين التي تحولت إلى إعلامية!، وما قالته بحق الشاب الإيطالي الذي قتل في مصر جوليو ريجيني، ما اضطرها إلى محاولة التنصل مما قالت، ولكن بضغط إيطالي، بعد أن ترجمت وسائل الإعلام هناك ما قالته بحق مواطنها، وأيضا ضغط رسمي داخلي هذه المرة.. وغيرهم الكثير.
من المهم إدراك أن هذه الكائنات الإعلامية، هي نتاج مناخ إعلامي سمح لأمثالهم، بالإسهام في عملية تزييف الوعي العام، وإهدار القيم الإعلامية والاجتماعية على حد سواء. مناخ سمح بإذاعة تسجيلات لمكالمات تليفونية، دون أن يحاسب من سجل دون سند قانوني، ولا من أذاع وانتهك الحرمات الخاصة، دون اعتبار لدستور يجرم ذلك الفعل. مناخ سمح لكل من هب ودب أن يؤسس قناة، وتعامى عن سب الأعراض، بنفس القدر الذي تغافل فيه عن نشر الدجل والخرافات علنا وعلى الهواء.

بقلم : محمود عيسى
copy short url   نسخ
15/05/2016
1052