+ A
A -
حينما يبتعد الناس عن التفكر في آيات الله يرسل لهم بعضها في أشكال مختلفة حتى يذكرهم بوجوده وقدرته وتسخيره للكون بكل ما فيه بين يديه سبحانه، فالرياح والبراكين والأعاصير والأمطار والفيضانات والمد والجزر والجفاف والشمس والقمر والنجوم والكسوف والخسوف والليل والنهار وغيرها من مظاهر الكون كلها من آيات الله التي ملأ بها القرآن الكريم وحتى كتبه التي سبقت مع النبيين الأولين وطلب من عباده أن يتفكروا فيها وقد هلكت كثير من الأمم بتلك الآيات.
فأغرق الله كل الذين كفروا به من قوم نوح وخسف الله بقوم لوط وأغرق فرعون وجنوده وغيرها من آيات الله التي لا نهاية لها، وكلما اقترب الناس من الله أدركوا ما يجري حولهم وكلما ابتعدوا عنه فسروا ما يجري تفسيرات مادية لا تمت لحقائق الكون وخالقه بصله وإذا نظرنا حولنا في الكون في ظل التقدم التكنولوجي الهائل في نقل الأحداث لوجدنا آيات الله تتجلي كل يوم لخلقه من ابتلاءات عظيمة في أرجاء الكرة الأرضية تتخذ أشكالا مختلفة إما عقابا من الله لخلقه وإما تخويفا (وما نرسل بالآيات إلا تخويفا) وإما تذكرة (وما يتذكر إلا أولو الألباب) .
كل هذا للتأكيد على وجود الخالق وعلى وجود الآخرة والحساب والعقاب والجنة والنار، وأن يدرك الناس أن ما يجري في الدنيا هو مقدمة للحساب الذي لا ريب فيه في الآخرة وقد ربط الله سبحانه وتعالى بين عذاب الدنيا الذي يتخذ أشكالا مختلفة وعذاب الآخرة فقال (كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون) .
لذلك ينبغي علي كل إنسان أن يدرك قدرة الله ويتفكر في آياته التي تجري في أرجاء الكون ومنها الأعاصير التي تضرب في أركان الكرة الأرضية لاسيما الولايات المتحدة الأميركية وآخرها إعصار هارفي الذي تابع كثير من الناس أحداثه وكأنهم يشاهدون أحد أفلام السينما الأميركية، فالولايات المتحدة يضربها كل عام 1200 زوبعة وإعصار، معظمها تترك آثارا عادية لكن بعضها يأتي مدمرا، لكن الآيات الكبرى تبقى في الدمار المادي الذي تبقى آثاره لسنوات حتى يتفكر الناس فيه.
وهذا هو المقصد الرباني الذي ارتبط في كثير من آيات القرآن فالموت حق علي جميع البشر ويموتون بأشكال مختلفة لكن الدمار المادي وبقائه شاهدا على مر السنين يبقى الآية لمن يعتبر، وقد أعلن حاكم ولاية تكساس الأميركية غريغ أبوت يوم الأحد الماضي أن الخسائر الشاملة الناجمة عن الأعصار هارفي في ولايته تتراوح بين 150 و180 مليار دولار حيث تضرر أكثر من 100 ألف منزل ولازالت أغلب منازل مدينة هيوستن رابع أكبر المدن الأميركية تحت الماء حتى الآن وهو أقوى إعصار ضرب الولايات المتحدة خلال الاثني عشر عاما الاخيرة أي منذ إعصار ويلما الذي ضرب ولاية فلوريدا عام 2005وخلف 87 قتيلا بينما آثار الدمار المادي له لازالت قائمة في بعض الأماكن حتى الآن.
لقد وقفت أقوى دولة في العالم عاجزة أمام مواجهة الأعصار وقد نجحوا بإمكاناتهم الهائلة في إنقاذ السكان لكنهم عجزوا عن التصدي للرياح والفيضانات التي لازالت آية لمن يعتبر (إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين) .
بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
05/09/2017
10096