+ A
A -
غياب البُعد العربي حول منظومة مجلس التعاون من الاتفاق على عدو مشترك إلى عداوة بينية واضحة لبعضها البعض، الجميع يدرك أن هاجس الأمن كان وراء إنشاء مجلس التعاون مع بداية الحرب العراقية –الإيرانية، انطلاقا من عروبتها كشعوب عربية لها تطلعات واحدة وأهداف مشتركة. بعد إضمحلال البُعد العربي وإسقاط مرتكزاته وسقوط قلاعة، اصبح مجلس التعاون وحتى الجامعة العربية، أبنية غير ذات صلة بالواقع خاصة وأنها كما قلت أنشئت لأهداف أمنية ولم تكن الشعوب يوما ما مرجعية أصيلة واخيرة في استمرارها وبقائها أو حتى تطويرها. لذلك كانا عبئا اكثر منهما حاجة.
مانشهده اليوم من عداء مستحكم بين دول الخليج أظهر وبوضوح طبيعة مجلس التعاون حينما فقد بوصلته وهدفه الذي قام من أجله. يجب التخلص من عقدة التجارب القومية الفاشلة السابقة وعدم ربطها ربطا ثابتا بإغفال البعد العربي حتى يمكن ان نتقدم ونتطور خاصة أن الدولة العربية أبعد ماتكون إلى الوطنية والمجتمع رعايا أكثر من كونهم مواطنين.
نرى اليوم كيف تحولت دولنا إلى عداء بعضها البعض بعد غياب البعد العربي.
الأزمة الخليجية الراهنة مثال واضح لتحول هاجس الأمن من العدو الخارجي إلى الاخ الداخلي وهذه بالضبط آلية الانهيار الذي مرت به دول الطوائف التي يحدثنا عن تاريخ الاندلس العربي الحزين.
لايمكن أن تتفق دول الخليج على عدو خارجي بدون اعتبار للبعد العربي لذلك تحول المدفع الخارجي إلى خنجر داخلي، كلما سقطت قلعة عروبية كلما إقترب الخطر أكثر فأكثر، سقطت مصر بعد 67 وسقطت العراق 2003 وسوريا بعد الربيع العربي، والجزائر منهمكة في أفق ضيق، لا أتكلم عن نجاح تجاربهم السياسية لكن أود الاشارة اليهم لأنهم كانوا على وعي وإتفاق تام على عدو الامة المشترك وهذا ماكان يعكر صفو الصهيونية والغرب عامة. لو كانوا دول وطنية بالمعنى الدقيق للكلمة لما كان هناك حاجة للعدو الخارجي المادي.
ربما تصبح الامية والجهل والمرض هي الاعداء الحقيقية لنا، لكننا لم نصل بعد إلى مستوى الدولة الوطنية الحقيقية التي تتخذ مشروعية بقائها من مواطنيها، لذلك يبدو إسقاط البُعد العروبي القومي قبل تحقق دولة المواطنة إنكشافا مابعده إنكشاف ويصبح الخلاص الفردي هدفا في حد ذاته ويقول المتأخر للمتقدم أُكلت حينما أكل الثور الاسود.
هناك من سيصرخ البُعد الإسلامي بديلا، ليس هذا الكلام دقيقا لأننا نعايش هشاشته وتمزقه.
بقلم : عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
30/08/2017
2833