+ A
A -
كفرت بما عرف بعاصفة الحزم.. واشعر بالأسى أني آمنت بها يوماً كلما رأيت أشلاء الأطفال اليمنيين تخرج ممزقة من تحت الأنقاض بفعل القصف الأعمى لدول التحالف في اليمن، وقصف الحوثيين، وقد أعمانا حسن النية عن مثيلاتها في العراق وسوريا. لتتكشف لنا اليوم الكثير من الحقائق السوداء، الصادمة التي توالت علينا.. وإني أعتذر بشدة أني كتبت يوماً مقالة أحتفي فيها بعاصفة الحزم حين انطلقت، وقد كنت كأي عربي ساذج يظن أن سوبرمان قد يخرج فجأة بثوب أمير عربي من بين ركام عقود من الخذلان، والسياسات التبعية للقوى العظمى.. ويحلم بفجر يطل من خلف هذا الليل الطويل من المواجع والتمزق والشتات في أرض العرب.. كنا نظن أنها ستعيد اليمن بعد ان فقدنا مصر، والشام والعراق، وتوقف مد الحوثي حتى مع توجسنا لوجود دولة الإمارات في التحالف، ودورها المريب ضد ثورات الربيع العربي.. وكان ما رأينا بعد سنوات من عاصفة الحزم.. فلا فجرٌ أطل علينا، ولا ليلٌ فارقنا وإذ بعاصفة الحزم عاصفة تطيح باليمن أيضاً، وبشعبه الذي يعاني الويلات أصلاً.. شعبه الذي خرج يوماً ثائراً ليتخلص من طاغيته، فكان هدفاً لأعداء الربيع العربي من العرب أنفسهم الذين نصبوا أنفسهم حراساً للاستبداد. وإذن من يديرون أروقة السياسة عند أشقائنا دول الحصار ينفذون أسوأ المخططات، ويستعمرون أرضا عربية بيد دولة عربية في سابقة مفجعة تعد من أسوأ صفحات التاريخ العربي الذي ناضل ويناضل كي يتخلص من الاستعمار، وتبعاته لنشهد في أيامنا هذه استعمارا عربيا بكل ما تعنيه هذه الكلمة من اغتصاب للأرض والثروات، وإقامة السجون والمعتقلات كما حدث من الامارات في اليمن.
كما يبدو فإن اشقاءنا المحاصرين لنا لم يقعوا في مستنقع الكذب فقط، بل وقعوا في مستنقع الدم أيضاً، وهو مستنقع أشد وحولة مما يمكن أن تستوعبه عقلياتهم التي بات معروفا كيف، ومن أين تدار، وباتوا هم الخاسرون حتى النخاع مهما أوحت تصرفاتهم الطائشة، وذبابهم الالكتروني أنهم الأقوياء، والمسيطرون. الإمارات في اليمن حاكت إسرائيل في فلسطين واتخذت موقف المستعمر الذي جاء ليستعبد هذا الشعب وينهب ثرواته، بينما تدفع المملكة مزيداً من الشعب اليمني المطحون كي ينضم إلى الحوثيين بسياساتها الخاطئة، وتخبطاتها العمياء، فما أوقفت المد الحوثي بل زادته قوه، ولا أنقذت الشعب اليمني من هذه الميليشيات، بل تركته يعاني من ويلات إضافية ما بين الموت بالكوليرا، والقصف الخطأ كما يقال لمدنيين أبرياء جلهم من الأطفال والنساء الأمر الذي أشعل الغضب في قلب هذا الشعب حتى هرب منهم إلى طاغيته من جديد، وإلى ميليشيات الحوثي كالمستجير بالرمضاء من النار.
أتساءل بفجيعة من كان يظن يوما أن بعض دول الخليج ستصبح خنجرا مغروسا في قلب أمتنا العربية، والإسلامية؟ ألا ليت شعوبهم تفقه ذلك.
بقلم : مها محمد
copy short url   نسخ
29/08/2017
2887