+ A
A -
نوبات حزن عنيفة تنهال عليه بعد أن يفجر بداخله سؤال الوجود المؤلم: ما الغاية؟

صديقي الذي قدم لي الكثير، الذي كان الظهر، الكتف واليد الممدودة دومًا، ودائمًا وأبدًا..كما لو كان قادمًا من زمن النبلاء القديم، في الوقت الذي يخذلك أصدقاء العمر (كما نسميهم). فيما أعجزُ عن العثور له عن إجابة لسؤاله الذي يبدوا سهلاً: وما الغاية؟

نستيقظ في الصباح الباكر، كما لو كان يوم أمس؛ لولا الرقم الذي يتغير في التقويم المعلق في مكتب أو يضيء في شاشة جوال، ونكرر نفس الأعمال اليومية، ثم نعود للبيت منهكين، تائهين، نشعر أننا كيس حلوى يتسابق الأولاد لاختطاف القطعة الأجمل والأكبر منه. تستلم للجميع، تؤدي واجباتك، وربما إن كنتِ امرأة عاملة، فهنا أفواه جائعة تنتظر أن تستدير قبضة الباب، تنتظر أن تنطلق رائحة الطبيخ وينتعش البيت، تنتظرك حكاياهم المدرسية المؤجلة حتى عودتك. ثم يخيم المساء، كل ما تبدل هو لون السماء، وهدوء البيت، بالك هو بالك، مشغول ومنهك ويدور حول نفسه باحثاً عن خطط جديدة للتوفير، أو زيادة الدخل، أو... الخ.

إني لا ألوم صديقي، علقنا في حياة، ثلاث أرباعها اختارته المصادفات أو الآباء أو المجتمع. وليس لنا الخيار للعودة للوراء، للعدم، للاشيء. وليس بأيدينا التوقف، والتقاعد مبكرًا! الحياة ليست مؤسسة تجارية أو ناديا رياضيا، أو صالون تجميل مللته. الدخول والخروج ليس خيارك الشخصي مطلقًا. متأكدة أن لكل منا منحدرات نفسية خطيرة، قد تقوده للتخلص من أي ثقل أو مسؤولية. 90% من حالات الطلاق حدث في قاع الانهيار النفسي. إدمان المخدرات، الاستقالة من العمل، هجر الزوجة، ضرب الأطفال، كل تلك السلوكيات تحدث بسبب القعر النفسي الذي يهوي إليه المتعبون!

الجميع دون استثناء، الثري والفقير، ابن القرية وابن المدينة، المدير والعامل، أنا وأنت.. كلنا تنزلق أرواحنا لنفق مظلم من الأحزان والضيق والكدر. الفرق أحدنا يستسلم، وأحدنا يقاوم. نعم هذا فعلًا ما يحدث. الحياة مضمار مليء بالراكضين نحو النهايات، إن توقفت أو تراجعت ستدهسك الأقدام، وتخرج من السباق.

لستَ بحاجة أن تفهم كل الأسباب، وليس لك أن تقفز للنهاية. ضع غايتك الشخصية، واركض نحوها.. اركض.. اركض بكل ما أوتيت من طاقة الاستكشاف، تلك الطاقة التي تستهلكها في استباق الوقت، والغوص في تيارات الأسئلة، والقلق الهائل. استثمرها فقط في الركض نحو غاياتك أنت.

بقلم : كوثر الأربش

copy short url   نسخ
28/04/2016
2209