+ A
A -
ولدت لنا الأزمة رجالاً ونساء نخباً اعتلت بهم قطر دروب المعالي... فوق اصعدي يا بلادي وانثري المجد واعتلي المعالي وكوني بالقمة على أعناقنا فنحن القطريين جنودك ونحن منك إليك خلف قيادتك الرشيدة ماضون لا نبالي..
لاحظنا أننا جميعاً كقطريين ومقيمين وفي غضون هذه الأزمة الراهنة أن النخبة من الكفاءات والشخصيات القطرية خاصة، سواء الإعلاميون أو الأكاديميون والخبراء، اتصفت بتفاعل هادئ وبناء مع أزمة بلادنا في علاقتنا بالدول المحاصرة، فلفتت هذه النخبة الانتباه إليها، فقد أوضح تفاعلها مع الوضع الراهن للخارج أن دولة قطر لم تنجح في التنمية الاقتصادية والتعمير فقط، وإنما أن يضاف أيضاً نجاحها هذا بثقةٍ على التنمية البشرية، وفي إنتاج عقول وطنية، قادرة على الدفاع عن مصلحة وطنها القطري في أثناء أزماته، بطريقةٍ تحتكم إلى مبادئنا كشعب لنا قيم وأخلاق. وسواء كنا قطريين أو وافدين فهذه النخبة اشتركت في تبني خطاب هادئ وعقلاني، لا يحاكي إعلام الخصوم الفاجر، ولا يستنسخ لغته، فقد حافظت الصفوة القطرية على أسلوب خطابي مهذب لينبع من تربية أمهاتنا بقطر المستمدة من أصول ديننا الإسلامي التي تناستها دول الحصار.. نحن القطريين نحسن اختيار المفاهيم واللغة المستخدمة حتى في عز ألمنا وسوء ما نتعرض له كشعب.
بدون أن نشعر أصبحنا جميعا جنودا للوطن الغالي في سبيل نصرته وانخرطت النخبة من أبناء الوطن بروح وطنية وبقوة في عملية الدفاع عن أرضنا وقائدنا وشعبنا، فلم نجلس مكتوفي الأيادي بل استعددنا وتأهبنا لهذا الصراع الهجومي المستفز.
وشكل هذا الاختبار التاريخي منبهاً مجتمعياً ومنهجاً لنا كقطريين، جعل العقلاء من أبناء الوطن الغالي لا يفكر بالسفاهات والأكاذيب والخدع والسخافات التي يلقي بها الحاقدون علينا من الدول المحاصرة بل استمد الشعب القطري ثقته بنخبته من أبناء الوطن ومن ثقته وعلاقته القوية بقيادته تميم المجد، حيث من المتعارف عليه أن المجتمعات التي تثق في حكامها وأنظمتها السياسية، هي تثق، بطريقة أو بأخرى، في نخبها الأكاديمية والإعلامية، هذا ما يبرّر تماسكنا من الداخل كقطريين في أثناء الأزمة ووحدتنا في مواجهة هذا العدوان الغاشم على بلدنا، وكذلك يمثل هذا نقطة قوة دولة قطر في هذا الظرف التاريخي والعدوان الغاشم في قطر على عكس دول الحصار المشتتة.
ليس هناك موقف منا كقطريين سوى التلاحم ليس منا من يريد أن يكون هو القائد وليس منا من يريد حراكاً شعبياً ولا أي من الحركات السياسية بل فقط وقفة رجل واحد كل منا يريد أن يعمل بالمنظومة القطرية المؤسسية الممنهجة الثابتة التي تعمل بهدوء وثقة وروية وتنتج ولديها نظرة ثاقبة بأن رؤية قطر تتطلب كذا وكذا وهم على هذا الدرب سائرون ويعملون بجد وإخلاص..هم القطريون الذين أثبتوا أنهم بتلاحمهم كانوا كالدرع لحماية أمن واستقرار قطر في هذه الأزمة المفتعلة.
موقفنا الوطني كقطريين ومقيمين متكامل ومتراص وواثق، إن من إيجابيات هذه المحنة التي أحدثتها الأزمة الخليجية اتضح معها معنى التكامل السياسي والمجتمعي، وتماسكنا من داخل منظومتنا المجتمعية القطرية الأصيلة، بحيث لا مكان للانقسام والتردّد.
الجميع من صحفيين وكتاب وإعلاميين مشغولون بالرد على قذائف صواريخ دول الحصار الجائرة ولكنني من هنا وبقلمي المتواضع أرغب بإظهار الدور الإيجابي لنا كقطريين في احتواء هذه الحرب النفسية الجائرة وكيف استطعنا كقطريين تجاوزها.. يستحق كل قطري وقطرية من إبراز بعض من جهودهم وكيفية حكمتنا بالتعامل مع هذه الدول الطائشة.
إذا ما حللنا تركيبتنا القيمة لنخبنا القطرية على ضوء الأزمة الجائرة، نجد أنها نخبة محافظة، متماسكة تنهج نهجاً دفاعياً على قيم الأمة العربية، والملتزمة بصرامة بقيم المواطن القطري المتشبع بالأخلاق العربية والإسلامية. ولعل موطن القوة لدينا كقطريين، ولا يتوفر عند نخب عربية كثيرة، هذا ما خطوناه في صفحتنا التاريخية البيضاء المشرفة محلياً وعربياً وعالمياً، فأرشيفنا يخلو من محطاتٍ هجومية في حق الآخر، ومن التحامل على دول وشعوب عربية، فلطالما كانت صفوة قطر صوت الحكمة والهدوء في المنطقة، في وقتٍ تورطت في دول كثيرة في مواقف أخلاقية كظلم قضايا الشعوب، والوقوف ضد خياراتها وتطلعاتها وفتحت سجونها لمن يخالفها ومنعت حتى حق الاعتراض هذا لا يوجد ولله الحمد في قطر وبقيادتها الواعية الرشيدة صعدنا قمماً من المعالي لم يصل لها غيرنا... ليس كبرياء ولكنها حقيقة واقعية فمن يعيش ويتنفس الحرية وحرية التعبير يستشعر هذا العلو في نفسه والفخر له كقطري.
إن كانت الأعوام الماضية من تاريخ دولتنا الحبيبة قطر أعوام زرع، فإن الحاضر يمثل لدولتنا الغالية قطر فترة حصاد.
فسنين تشجيع التعليم، ودعم الإعلام، وابتعاث طلبة قطريين إلى الخارج، والتمسّك بالبحث العلمي ومؤسسات المجتمع المدني، والاهتمام بكل ما من شأنه تعزيز قوة البلد في مختلف مجالاتها جميعا، جهود أثمرت أن نخبةً قطريةً قادرةً على الدفاع عن مصالح هذا الشعب وهويته ووطنيته، متصلةً بثقافة الفرد القطري وقضاياه غير منفصلة عنهما. وأنشأنا ولله الحمد حزمة مؤسّسية محترفة تعي أدوارها المجتمعية، ومسؤولياتها تجاه الدولة في الظروف العادية وفي الأزمات الجائرة كما تدار أزمتنا الحالية من واقع الحصار الغاشم.
إذن يتفق معي الجميع وبإشادة العديد من الدول الحديثة والكبيرة والخبراء السياسيين أن الأزمة الراهنة برهنت ان الاستثمار بالأفراد أنتج ((النخب القطرية)) نعم، هناك نخبة قطرية مكتملة التكوين، القيم، هدفها محدّد، هو الدفاع عن أمنها وأرضها وأمتها العربية، والتصدّي لما من شأنه تهديدها أو التدخل في شؤونها الداخلية- يعون حجم المهمة التي تقع على عائقهم والمسؤولية المترتبة عن أنهم متميزون، من حيث التحصيل العلمي والمستوى الثقافي. إذ يجسّدون عقل المجتمع وصوت الرصانة والحكمة فيه، والملاحظ أن النخبة القطرية لم تنفصل عن المجتمع الذي خرجت منه، وتكونت فيه، بل انحازت إليه، وإلى مصلحته، وتدافع عنه وعن الأخلاقية والمهنية التي نتمتع بها كقطريين والتي لا تخرج عن عادات وتقاليد ومنظومة المجتمع القطري وتكوينه التاريخي الثقافي والديني.
وللعلم لم تطلب منا قطر كدولة الدفاع بل نحن القطريين استشعرنا الخطر عندما دق ناقوسه وها هم الفرسان من أبناء الوطن يتمسكون بالوطن ويدافعون عنه في الإعلام الوطني والفضائيات الأجنبية والعربية موضحين موقف قطر، ومدافعين عن مصالح الشعب والوطن أسوداً مكشرين عن أنيابهم لا يهابون ما يلاقون ولا يلتفتون إلا لمصلحة هذا البلد المعطاء غير آبهين بما يلفق لهم من تهم وأكاذيب بل لديهم نظرة ووجهة واحدة هي كيفية إبراز الرؤية القطرية ومن التزامها بالأخلاق الإسلامية ونظامه القيمي المتوارث ويتفاعل الشعب القطري بإيجابية بالغة مع النخب المميزين ومن يتابع الحسابات الشخصية لنا كقطريين في مواقع التواصل الاجتماعي فإنه يفخر بكل تغريدة ويفخر بقطريته أكثر وأكثر... يستحق المواطن القطري أن تحكي به القصائد من التفافه حول قيادته.
همسة أخيرة:
أثبت القطريون كمواطنين أنهم بالفعل قول وفعل، والقطري لا يرى صعوبة في فهم قيادته وأسلوبها، ويعتبرها جزءاً منه، ويعي ضرورة دخوله وانخراطه في عملية تكامليةٍ وتعاونيةٍ معها، من أجل تجاوز الحصار الغاشم الظالم، وتقديم صورة واضحة وحقيقية عن القيادة والشعب القطريين.
بقلم:إيمان آل إسحاق
copy short url   نسخ
25/08/2017
2991