+ A
A -
رغم أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم يقض في الحكم إلا بضعة أشهر إلا أني أكاد أجزم أن فترة رئاسته قد انتهت، فالرجل الذي يتخبط في الحكم منذ أول يوم دخل فيه البيت الأبيض حتى أنه لا يكاد يعين مسؤولا إلا ويقيله، يعيش أزمة نفسية طاحنة، فالعقلية الشعبوية العنصرية التي يتعامل بها ترامب مع الأحداث والناس جعلته يفتقر لأبسط المؤهلات الشخصية للرجل المسؤول، فضلا عن أن يكون رئيسا للولايات المتحدة، وهذا ما جعل كثيرا من الأميركيين يعتقدون أن الرجل غير مؤهل عقليا لإدارة دفة الحكم، لأنه فعليا ليس لديه إدارة حقيقية في البيت الأبيض، فكثيرمن المناصب خالية والمناصب المشغولة لا يدري أصحابها هل يستيقظون فيجدون ترامب قد أقالهم بتغريدة أم يطردهم بقرار وكأنهم موظفون في شركاته الخاصة.
وقد أثارت إقالته لستيفان بانون كبير المخططين الاستراتيجيين كثيرا من القراءات التي جعلت البعض يعتقد أن ترامب قد بدأ يعيد النظر في طريقته في الحكم لكن من يتابع أسلوب الرجل منذ بدأ يحكم يدرك تماما أن عزل بانون تماما مثل تعيينه كان قرارا مزاجيا متخبطا، كل من حوله قلق وغير مستقر وليس لديه قدرة على العطاء، لاسيما وأن كثيرا ممن أقالهم كانوا أصدقاءه أو مسؤولين في حملته الانتخابية ممن أوصلوه إلى البيت الأبيض واعتقدوا أنهم دخلوا معه وسوف يخرجون معه وإذا بهم يجدون أنفسهم في الشارع بعد أيام أو أسابيع.
ما يجعل ترامب يفكر جديا عاجلا أم آجلا في الاستقالة هو أن كل الوعود الانتخابية التي قطعها على نفسه وعلى رأسها ملفات الهجرة وأوباما كير والإصلاح الضريبي والبنية التحتية المهترئة في الولايات المتحدة مجرد أحلام يصعب تحقيقها، لاسيما بعد فشله في إقرار إلغاء أو تعديل مشروع أوباما كير الذي وقف الجمهوريون ضده، كما أنه فشل في أن يوقف تجديد ملف العقوبات على روسيا، وقال قولته الشهيرة وهو يوقع أن الكونغرس هو المسؤول عن هذا.
أما الملف الأخطر والذي قد يجبر ترامب عاجلا أم آجلا على التفكير في كتابة تغريدة مختصرة تتضمن استقالته من الرئاسة فهوملف التحقيقات التي يقودها المحقق الخاص بوب مولر حول علاقات ترامب السرية بروسيا، حيث من المنتظر أن يضيق مولر الخناق عليه من خلال ما يجمعه من معلومات يدرك ترامب في النهاية أنها يمكن أن تورطه وتدخله في المتاهة التي دخل فيها نيكسون من قبل وأطاحت به «ووتر جيت»، ورغم ظهوره بمظهر الرجل القوي الذي لا يهمه ما يجري إلا أن هذه التحقيقات تقلقه بشكل بالغ لاسيما بعد استدعاء صهره وابنه وكثير من المقربين حوله من قبل مولر الذي يسعى هو الآخر لتحقيق مجد تاريخي في أن يكون الرجل الذي أجبر الرئيس على الاستقالة أو ساهم في إقالته.
الهستيريا التي يدير بها ترامب الولايات المتحدة والقرارات المتخبطة والإقالات شبه اليومية وتحقيقات مولر تؤكد أن الرجل يضيق الخناق عليه ولن يجد في النهاية طريقا للخروج مما يعيش فيه سوى أن يقيل نفسه بتغريدة فينهي حياته الرئاسية.
بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
22/08/2017
5138