+ A
A -
في سن الخامسة والثلاثين ولدت الفتاة التي تعرضت لحادث أليم من جديد. تغيرت حياتها. باتت تقضي وقتا كبيرا مع أسرتها. لم تتخل عن دفاعها عن منصبها المهم. ولكن بالاجتهاد والإخلاص وليس بالمكائد وتصيد الأخطاء ورد الإساءة بإساءة أكبر منها. حقيبتها لا تخلو من نقود تقل أو تزيد خصصتها للصدقة. عامل في الشارع أو السوق. تقول الفتاة: لقد أعطاني الله سبحانه وتعالى فرصة ثانية لن أسيء استخدامها. لقد استعدت صفاء النفس والقدرة على التمتع بالمسرات حتى لو كانت بسيطة. وحين يمر شريط حياتي أمامي مرة أخرى أتمنى أن تكون أعمال الخير أكثر من السابق، وأن يقل رصيدي من الأعمال المؤذية. معظمنا لديه فرصة واحدة فقط. هل تعني هذه العبارة شيئا. هل يتوقف عندها الكثيرون. لا أدري. في حياتي صادفت بشرا سحقتهم الظروف سحقا. ولم تنل من أرواحهم شيئا، وآخرين لديهم كل ما يستدعي الشكر من القلب ولكن الحسد والبغض ينهش أرواحهم نهشا.
قابلت في بلد خليجي سيدة خليجية تعمل كممرضة بدوام كامل لتنفق على أبنائها وزوجها العاطل عن العمل وزوجته الجديدة وابنه منها. حكت لي قصتها على عدة أيام متفرقة. غدر الزوج وظلم أهله لها لم يمنعها من تكرار كلمة الحمد لله طوال الحديث. عمرها أربعون عاما وتبدو كما لو كانت في الستين. لم تنعم بترف شراء زجاجة عطر أو مواد تجميل. فكل ريال تكسبه أولادها أحق به. وهي كما تقول وكما لاحظت سعيدة. سعيدة لأن أولادها متفوقون، بعضهم أنهى دراسته والبعض على وشك إنهائها. سعيدة لأنهم بارون بها. وسعيدة لأنها لم تؤذ ولم تفكر قط أن تؤذي من أذاها. وسعادتها تلمع في عينيها وهي تتحدث عن استعدادها لأداء فريضة الحج على نفقة ابنها البكر. وهي تتحدث بطلاقة ورضى لاح في مخيلتي شبح سيدة أخرى لديها كل ما يحلم به معظم الناس. المال الوفير الذي لا تعرف كيف تنفقه. القصر الفسيح والزوج المطيع والخدم والحشم. لكنها تموت كمدا إذا رأت ساعة جديدة على يد أخرى، أو سمعت أن أحدا من معارفها اقتنى سيارة حديثة، منزلها أشبه بالمعارض، تتكدس فيه أنواع السيارات والساعات والماركات لكنها ليست سعيدة، لأنه ما زالت هناك أشياء لم تسمع بها قد يقتنيها غيرها، تعاستها لا تشمل الأشياء التي لم تملكها بعد وإنما تطول الأشخاص أيضا، وهي تتفاخر بخطفها لصديقات قريباتها وأزواج صديقاتها.. لكنها وهذا هو المهم.. ليست سعيدة.
بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
20/08/2017
1733