+ A
A -
- 1 -
قبل أيام قلائل لبينا دعوة كريمة من نائب الرئيس السوداني حسبو محمد عبد الرحمن بمنزله.
كان محور النقاش عن الحملة التي أطلقتها الحكومة السودانية لجمع السلاح من أيدي المواطنين والقبائل في دارفور. حالة الانهيار الأمني التي شهدها الإقليم منذ 2002 وانطلاق الحركات المتمردة والتصدي لها عبر القبائل المسلحة أوجدت واقعاً فوضوياً مُنفلتاً خارج سيطرة الحكومة السودانية.
ظلت الحكومة السودانية، تُعلن في كل مرَّة عن خطة لجمع ونزع السلاح من أيدي المواطنين والقبائل بدارفور، ولكنها لا تمضي بعيداً في التنفيذ لوجود عوائق وصعاب تجعل المهمة شبه مستحيلة.
السلاح بإقليم دارفور يشكل مهدداً أمنياً خطيراً، يفرض التعامل معه بكل قوة وجدية مع الحكمة وحسن الإدارة.
بجوار دارفور الملتهب أربع دول مضطربة يتسرب منها السلاح، الجماهيرية الليبية في شمالها الغربي وجمهورية إفريقيا الوسطى على الجنوب الغربي، وعلى غربها المباشر تشاد وأخيراً دولة جنوب السودان.

- 2 -

في اجتماعنا مع نائب الرئيس قلت له:
حسناً، إن اختارت الحكومة أن تعيد الأوضاع إلى نصابها، لاستعادة دورها الأساسي، على قاعدة ماكس فيبر لتحديد ماهية الدولة: (مشروعية تنظيم المجتمع واحتكار العنف وتوجيهه).
المُشكلة أكثر تعقيداً من أن تحسم بالقرارات والإجراءات.
الاستراتيجية الشاملة هي الخيار، اتساع الرؤية وجودة التنفيذ، حتى لا يكون العلاج أخطر من المرض.
كشف لنا حسبو محمد عبد الرحمن معلومات دقيقة عن توقيف مجموعات تابعة لزعيم قبيلة المحاميد موسى هلال الأسبوع الماضي، في الحدود السودانية الليبية.
وقال إنهم كانوا على صلة باللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، مبيناً أنه أثناء التحري معهم اعترفوا بأنهم كانوا يخططون لتجنيد نحو ألف شخص من دارفور للقتال في قوات حفتر.

- 3 -

هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول سوداني رفيع عن وجود علاقة بين اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وموسى هلال أحد القيادات الدارفورية البارزة التي كانت تقاتل إلى جانب الحكومة السودانية ضد المتمردين.
هلال الذي كان أكبر حلفاء الحكومة السودانية في حربها ضد حركات دارفور المتمردة، ها هو الآن في الطريق لأن يصبح عدوها الأول في الإقليم.
وحسب المعلومات المتوفرة، فإن العلاقة بين حفتر وموسى هلال لم تنبُت من العدم، بل هي ممتدة وقديمة، منذ تكوين ما يعرف بمجلس الصحوة الثوري في 2014م الذي يترأسه هلال.
البعض يرد أصل العلاقة إلى صلات وعلاقات قبلية، تجمع موسى هلال بحفتر، ترتبط بالامتداد الطبيعي لعشيرته أو قبيلته المحاميد وعلاقاتها الممتدة سواء عبر النسب والمصاهرة، أو بالاستقرار منذ سنوات طويلة كجزء من النسيج الاجتماعي الليبي.
ويدللون على ذلك بأن رئيس الوزراء إبان عهد القذافي حتى اندلاع ثورة فبراير، كان ينتمي إلى ذات القبيلة، وهو البغدادي المحمودي الذي فر إلى تونس في أغسطس 2011م بعد حوالي ستة أشهر من قيام ثورة 17 فبراير، قبل تسليمه إلى ليبيا في 24 يونيو 2012م.

- 4 -

من الواضح أن حفتر تحالف مع هلال حتى يستقوي به عسكرياً، ومن خلاله يستطيع تحقيق اختراق في الجدار السوداني، عبر استقطاب حلفاء لهم وزن قبلي وعسكري كهلال.
ولخليفة حفتر علاقات وتنسيق أسبق من علاقته بموسى هلال، حين استخدم بعض حركات دارفور المتمردة على الخرطوم كمرتزقة في حربه ضد الحكومة الليبية في طرابلس.
موسى هلال كذلك سعى لعقد تحالف مع الحركات التي كان يحاربها، ووقَّع معها على مذكرة تفاهم، فهو يبحث عن رصيد إقليمي يُقوِّي به مواقفه في مواجهة حكومة الخرطوم، ولن يجد أفضل من خليفة حفتر ليوفر له الدعم والإسناد.
يعتقد موسى هلال أن حملة جمع السلاح بدارفور، ومحاولة ضم قواته لوحدات الجيش السوداني محاولة لتقزيمه وخلع أنيابه العسكرية.

- أخيرا-

من الواضح أن العلاقة ذات الوتيرة المتصاعدة بين حفتر وهلال، هي التي فرضت على الحكومة السودانية، أن تُسارع في حسم تمرد هلال في الطور المائي قبل أن يقوى عظم التحالف الجديد.
بقلم : ضياء الدين بلال
copy short url   نسخ
20/08/2017
3504