+ A
A -
من الأقوال المأثورة عن السلف الصالح قولهم «الناس أعداء ما جهلوا» ومن هذه العبارة يفسر لنا مراد هوفمان الدبلوماسي الألماني الذي اعتنق الإسلام، وله مؤلفات عديدة عن الحضارة والفكر الإسلامي، يفسر أسباب إساءة الصحفيين والإعلاميين في الغرب للإسلام.. ويقول إن المشكلة هي أن الالتباس وسوء الفهم هما السبب الأساسي في رسم صورة زائفة عن الإسلام والمسلمين في الإعلام الغربي.
وهذا الالتباس تسبب قديما فيما فعله الرسامون في القرن التاسع عشر من صور للمسلمين متوحشين، واليوم يصورون المسلم على إنه إرهابي أو يمكن أن يتحول إلى إرهابي، وبعض الكتاب والإعلاميين يسيئون إلى الإسلام عن عمد نتيجة عقدة تاريخية، مما حققه المسلمون من تفوق حضاري وعلمي في عصر كانت شعوب الغرب تعيش في ظلام الجهل. وفي العقل الباطن لهؤلاء ما فعله المسلمون في القرن الثامن حين أسسوا حضارة الأندلس الزاهرة في قلب أوروبا، ثم امتدت حضارتهم إلى وسط أسيا وجنوبها حتى الهند، وكانت الأندلس جسرا بين أوروبا والعالم الإسلامي، وعاش المسلمون والمسيحيون واليهود في الأندلس في سلام، وفي أسبانيا الأندلس تمت أول ترجمة لمعاني القرآن إلى اللغة اللاتينية سنة 1143 وتعددت بعد ذلك ترجمات القرآن، وظل الإسلام أكثر من أربعة عشر قرنا محافظا على الأصول والمبادئ وأولها أن الله واحد لا شريك له وان محمدا رسول الله والقرآن كتاب الله ومنهج حياة المسلمين.
يقول الدكتور مراد هوفمان إن الإسلام إشعاع متجدد يثرى حياة البشر ويفجر طاقات المؤمنين، وينبه إلى أن كثيرا من المثقفين في الغرب يعلمون القليل جدا عن كنوز الحضارة الإسلامية، ونادرا ما تجد بينهم من يعلم أن قصر الحمراء في الأندلس وتاج محل في الهند وهما من مفاخر الهندسة هما وغيرهما كثير من أعمال المهندسين المسلمين، ويشير إلى عبارة للمستشرقة الألمانية العظيمة أنا مارى شيمل التي تقول فيها «ما دام الإسلام هو التسليم لله، فنحن كلنا نحيا ونموت في الإسلام».
ويرى الدكتور مراد هوفمان أن من أسباب جهل الغربيين بحقيقة الإسلام أن الناس أصبحوا في الغرب يعبدون أصناما مثل القوة والمال والجنس، وأصبحوا يعتقدون أن العلم هو الشيء الوحيد الذي يؤمنون به، وظنوا أن التقدم العلمي سيحقق لهم جنة على الأرض فكانت النتيجة النهم الاستهلاكي الذي لا يشبع ولا يقنع، وبذلك انحرفت النزعة الفردية إلى فوضى أخلاقية.
وفي الغرب نوع من الخلل- كما يقول الدكتور مراد هوفمان- تجسده الجماعات الرافضة للمجتمع، والتي تفتقد الأمان، وتعاني من القلق على المستقبل.
بقلم : رجب البنا
copy short url   نسخ
19/08/2017
13079