+ A
A -
ليس هناك ما يسمى طوائف تولستوي ولا مبادئ تولستوي..ليس هناك الا تعاليم واحدة هي الحق،ذلك الحق الابدي الشامل الذي توضحه لي ولغيري الكتب المقدسة.فاذا فهم المرء هذه التعليمات فانه يتصل اتصالا خالصا بالله.ولا يشعر بعد ذلك بحاجته إلى أن يسأل احدا ما .هذا ما كان يردده تولستوي بنفسه لكل من يطلب منه النصح والارشاد..وبالرغم من أعجابي الشديد بهذا الرجل كانسان أحب البشر جميعا دون التطرق لمكانته العظيمة في الادب أتساءل لم غاب عنه بالرغم من انغماسه في قراءة القران وتعاليم الدين الإسلامي قول الله سبحانه وتعالى( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ) وقول الرسول عليه افضل الصلوات: أنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس في أيديهم؟
لقد سأله أكبر ابنائه بعد تخرجه من الجامعة عن العمل الذي يتخذه فقال له:اذهب فكن تابعا لاحد الفلاحين...الفلاحون الذين استباحوا أملاكه وبيته واضطرت زوجته إلى رفع دعوى ضدهم بعد ان قاموا بقطع اشجار غاباته وبيعها والانتفاع منها دون اذن، مما اغضبه ليس منهم بل منها،فكان ان كافأها على العمر الذي قضته تنسخ بيدها مرات ومرات كتبه وفي نفس الوقت تربي اولاده الذين بلغ عددهم 13 وتقوم على خدمته وخدمة ضيوفه الذين يمكثون في المنزل لشهور،كافأها بقصة أسماها «سوناتا كروتز» يذمها فيها وينتقم منها بشكل غير مباشر.
ولم تقدر «صوفيا» الزوجة التي ظلمت في حياته وبعد مماته تحمل هذه الاساءة التي نشرت على العلن،ومن بين دموعها وخيبة أملها علقت قائلة: لقد جرحتني هذه القصة وأهانتني في نظر الدنيا كلها.وقضت على ما كان باقيا بيننا من الحب.وذلك على الرغم من طوال حياتي الزوجية معه لم اقترف خطأ قط . لعل خطأها الوحيد هي رفضها توزيع أملاكه كلها على الفقراء والمتسولين وترك اهل بيته فقراء ومحتاجين.بل انها رفضت ان يتنازل عن حقوق طبع كتبه للابد، والسماح لأي حد بطبعها والانتفاع منها دون الرجوع اليه..وهذا ما اغضبه اكثر واكثر..والحقيقة التي يغفل عن ذكرها معظم كتاب سيرة حياة اديب روسيا الكبير ان زوجته صوفيا التي انجبت له ثلاثة عشر طفلا عاش منهم تسعة فقط وقضت الشهور والسنوات التي تفصل بين حمل وآخر في نسخ ما يمليه عليها من أدب ما زال حيا. كانت خير زوجة له وخير رفيق.وفيما بعد لجأت إلى كتابة سيرة حياتها معه لتوضح للعالم مقدار الظلم الذي وقع عليها...كما كتبت رواية وحيدة اطلقت عليها اسم لمن الخطأ ردا على قصته السابقة.ومن الانصاف ان نذكر ان تولستوي اعترف فيما بعد بندمه على ما اقترفه في حق زوجته فقال: ان في قصتي شيئا غير حميد.لقد كانت هناك أمور كريهة دفعتني لكتابتها،وسوف احاول ان اتجنب ذلك في المستقبل...ولكنه لم يفعل،لقد أوصى لناشره بعائدات طبع كتبه ولم يترك لأسرته شيئا.

بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
31/07/2017
1983