+ A
A -
قبل سـنوات طويلة طرحنا على أنفسـنا هذا السؤال، ولم نكن نبحث عن جواب، بل كان السـؤال نفسـه جواباً، وقلنا «انحدار» ولم نقـل «انحطاط» وكان هـذا أصح. هل جاء على هـذه الأمة وقـت في العصر الحديـث، لم تكن فيه منزوعـة العزة؟ والعـزة لله وبالله، ولكن الله سـبحانـه وتعـالى لا يُعـز قـومـاً ارتـضـوا المذلـة، ولا يـنصر أمـة ارتضـت الهزيمة، والنصر والعزة مشـروطان بشـروط لم نحقـقها، فمن أين يأتينا النصر والعزة؟ وصف الله عز وجل المؤمنين بأنهم «أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين» (المائدة 54) فما بالنا أعزة جبابرة بعضنا على بعض، أذلة أمام أعدائنا؟
قبل سنوات أيضاً تسـاءلت: أليس الأقصى ثالث الحرمين وأولى القبلتيـن؟ ما بالنا نتركه لليهود الصهاينة والمتاجرين بمصائر الشعوب؟ حين غزا أبرهة مكة وأراد هدم الكعبة، خرج إليه عبد المطلب يريد منه إعادة الإبل التي سرقها جنوده، فسخر منه أبرهة قائلاً: كنت أظنك عاقلاً، أتأتي لاسـترجاع الإبل ولا تفاتحني بشـأن الكعـبة؟ فرد عبد المطلب: هذه الإبل أنا ربّها أما البيـت فإن له ربّاً يحميه. ولم يخيب رب البيت ظـن عـبد المطلب «وأرســل عـليهم طـيراً أبابـيل، ترميهـم بحجـارة من سـِـجّـيل» فهل نـقول ما قال عـبد المطلب: إن للبيت رباً يحميه؟
في 21 أغسـطس 1969م أقـدم السائح الأسـترالي «دينس مايكل» على إشعال النار في المسجد الHقصى، والتهم الحريق أجزاءً مهمة، وأنقذ الفلسطينيون بقـية الجامع من النار، وقد ألقت إسـرائيل القبض عـلى الجاني وادعـت أنه مجنـون، ورحلته إلى أسـتراليا، وظل حياً حتى 1995، وزعـموا انه توفي أثناء تلقيه للعلاج النفسـي. علقت غولدا مائير على هذا بقولها: لم أنم ليلتهـا، وأنا أتخيل العرب سـيدخلون فلسـطيـن أفواجاً من كل صوب، لكني عندما طلع الصباح ولم يحدث شـيء، أدركت أن باسـتطاعتـنا فعل مـا نشـاء فهـذه «أمة نائمة». وقالت مائير مرة «إنني أشم رائحة أجدادي في خيبر» ولعلها تشـم رائحة أجدادها بني قريظـة في المدينة المنورة، فهل تسـعى إلى إعادة وجـود اليهود فيها، ومن يحمي المدينة و«الكعبة»؟ هل نردد مقولة عبد المطلب؟
قبل حرب 1967 كشـف موشي ديان أنه سـيتبع الخطـة نفسـها التي طبقت عام 1956، وانتـقده جنرالاته بسـبب كشـفه أسـراراً عسـكرية فقال: اطمئنوا فإن العرب لا يقرأون.. وإذا قرأوا لا يفهمون.. وإذا فهموا لا يطبقون..
هل أخذنا بأسـباب العزة؟ هل اتحدنا وتآلفـنا وجمعنا الجيوش وصنعـنا ما نقاتـل به؟ هل اتبعنـا العقـل في حياتنـا؟ هل آمنا «ونفـذنـا» بأن العلـم عـماد قـوة الأمـة؟ تذكروا ملـوك الطوائف في الأندلس، ولكم فيهم عبرة.

بقلم : نزار عابدين
copy short url   نسخ
31/07/2017
3376