+ A
A -
قلنا من قبل، ومازلنا نؤكد، أن دول الحصار الجائر لا تعرف ماذا تريد من قطر، أو حتى بشكل عام. فبعد المطالب الثلاثة عشر، التي عرفوا بالقطع مكانها الطبيعي، والتي تحولت إلى مبادئ ستة، لا تعرف لها رأسا من قدم، خرج علينا سفير الإمارات في واشنطن، يوسف العتيبة، بكلام جديد، ينم عن موهبة جديدة، فالرجل الذي تنحصر مواهبه وقدراته، في تدبير المؤامرات، والتحريض الفج، وتقديم الرشاوى، والأموال «القذرة»، من أجل الحصول على شهادات كاذبة ومزورة، هاهو يتحول فجأة وبلا مناسبة، إلى فيلسوف، وخبير نظم سياسية.
ففي مقابلة على قناة «بي بي إس» (PBS) الأميركية، قال العتيبة، إن الخلاف مع قطر ليس دبلوماسيا بقدر ما هو خلاف فلسفي حول رؤية الإمارات والسعودية ومصر و«الأردن»– لا أدري إن كانت المملكة الأردنية الهاشمية، قد أذنت له بالحديث نيابة عنها أم لا؟- والبحرين لمستقبل الشرق الأوسط، وأن ما تريده هذه الدول للشرق الأوسط بعد عشر سنوات هو «حكومات علمانية مستقرة ومزدهرة وقوية، وذلك يتعارض مع ما تريده دولة قطر»، بحسب تعبيره.
لن أناقش العتيبة في ما تريده قطر، ولا علاقته بذلك، كما أنني لست بالطبع في وارد مناقشة، سفير «المؤامرات والرشاوى»، في مفهومه حول الحكومة العلمانية، ولا عن رؤيته– فهو بلا رؤية– وتوصيفه للحكومة الدينية.
كما أن سؤاله، عن نظام الحكم في بلاده، والمنهج السياسي لحكومة دولته، لا يعدو كونه جدلا عقيما، وسفسطة لا داعي لها، لكن ما استوقفني بشدة في حديثه، هو أنه ينطق نيابة عن دول الحصار الأربع السعودية– الإمارات– البحرين– مصر، وما يعنيني على وجه الخصوص في هذا الشأن، هو بلاد الحرمين الشريفين، المملكة العربية السعودية، فالرجل يقول إن تلك هي رؤية دول الحصار بما فيها المملكة، ما يعني أن تطبيق نظام الحكومة العلمانية، سيبدأ بمن ينادي به، هذه طبيعة الأشياء. أو أن العتيبة وبلاده ستقوم بالعمل على تطبيق هذه الرؤية في كل بلاد الشرق الأوسط، بما فيها المملكة التي تنص المادة الأولى، في باب المبادئ العامة من نظامها الأساسي، الذي أصدره الملك الراحل، فهد بن عبدالعزيز، عام 1992، على أن السعودية دولة عربية إسلامية، ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
بينما تنص المادة السابعة من هذا النظام، والتي وردت تحت باب نظام الحكم، على ما نصه «يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله. وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة.
وهنا لابد أن نسأل مدبر المؤامرات والتحريض، ودافع الرشاوى عن تلك الطريقة التي سينتهجها، ليجعل من حكومة المملكة، وخلال عشر سنوات، حكومة علمانية، حسب ما صرح للقناة التليفزيونية الأميركية؟. أما عن مدى قبول أو رفض المملكة العربية السعودية، حكومة وشعبا، لما تخبط العتيبة بقوله، فأهل المملكة أدرى بشعابها، وهم أقدر على الإعراب عن رأيهم، في ما إذا كان طبيعيا أن يتحدث شريكهم في حصار قطر، عن التحول الحكومي إلى العلمانية في بلاد الحرمين الشريفين، وقبلة الإسلام والمسلمين، أم لا؟

بقلم : عبدالرحمن القحطاني
copy short url   نسخ
30/07/2017
4155