+ A
A -
تأمل دول المغرب العربي أن ينطلق في يوما ما «القطار المغاربي» الذي يمكن أن يربط في مرحلته الأساسية بين تونس والجزائر والمغرب، على أن تربط مرحلة ثانية بين المغرب وموريتانيا وتونس وليبيا.
هذا الحلم يبدو بعيد المنال، لأسباب متشابكة، لكن المعضلة الأساسية تكمن في إيجاد حل لمشكلة الحدود البرية المغلقة بين المغرب والجزائر..وتلك قصة طويلة.
على الرغم أن الحلم بعيد المنال، بيد أن لجنة فنية تضم خبراء من الدول الخمسة اجتمعت هذا الأسبوع بالرباط وعلى مدى أربعة أيام لوضع دراسة فنية لتنفيذ المشروع.
قال متحدث باسم اللجنة إنها بحثت في اجتماعها الذي عقد في مقر الأمانة العامة لاتحاد دول المغرب العربي، العروض التي قدمت من طرف مكاتب دراسات دولية، وتركزت اجتماعات اللجنة على اختيار أفضل العروض التي يمولها البنك الأفريقي للتنمية بميزانية تبلغ 1.7 مليون دولار.
المتحدث نفسه قدم بعض المعلومات التفصيلية. وهي معلومات تفيد أن الدراسة المطلوبة تهدف إلى تحديث ثلاثة مقاطع أساسية يفترض أن يمر منها «القطار المغاربي»، المقطع الأول يربط بين فاس وجدة وهو خط موجود ويعمل بدون مشاكل والمطلوب تمديده نحو الحدود الجزائرية حتى مدينة وهران، والمقطع الثاني يمر من الغرب الجزائري ويصل وهران الجزائرية بالحدود المغربية، والمقطع الثالث يربط بين «سوق أهراس» في الجزائر و«غار الدماء» في تونس.
الجوانب الفنية لهذه الدراسة كما قال مصدر من الأمانة العامة أوشكت أن تكتمل.
بيد أن ذلك لا يعني أن صافرة «القطار المغاربي» على وشك أن تنطلق، إن حال هذا «القطار» مثل حال «الاتحاد» نفسه، كلاهما يقف على السكة منذ سنوات طويلة دون أن يتحرك.
عندما وقع قادة الدول الخمس اتفاقية الاتحاد بمراكش في فبراير (شباط) 1989، خلق ذلك الإعلان زخماً، لكن سرعان ما عادت الأمور إلى المربع الأول.
كان أولئك القادة يأملون أن يصبح الاتحاد، الذي ظل حلماً للمنطقة منذ خمسينيات العام الماضي، اتحاداً حقيقياً، بيد أن حلم أولئك القادة ظل حلماً، ولم يحدث ما يجسد الحلم سوى تشكيل أمانة عامة اتخذت من الرباط مقراً لها حيث تعقد اجتماعات لا تثير في الغالب اهتماماً إعلامياً.
ثلاثة من أولئك القادة غيبهم الموت، وهم الملك الحسن الثاني والرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد والعقيد معمر القذافي، في حين يعيش اثنان في المنفى، هما التونسي زين العابدين بن علي والموريتاني معاوية ولد سيدي أحمد الطايع.
عقدة الاتحاد المغربي هي الخلاف المغربي الجزائري، هذا الخلاف يلقي بظلاله على كل المنطقة.
السبب الأساسي للخلاف يكمن في نزاع الصحراء، وعلى أرض الواقع يعتبر إغلاق الحدود البرية بين البلدين أبرز مظاهر توعك علاقات الرباط مع الجزائر.
أغلقت الحدود بسبب حادث أمني عندما هاجم مسلحون فرنسيون من أصول جزائرية حافلة كانت تقل سياحاً إسبانيين في باحة أحد فنادق مراكش مما أدى إلى مقتل سائحين وجرح آخرين.
كان رد فعل المغرب على ذلك الحادث فرض تأشيرة دخول على الجزائريين، وردت الجزائر بإغلاق الحدود البرية بين البلدين.جرت محاولات عديدة لفتح الحدود، لكنها باءت جميعها بالفشل، إذ دأبت الأمم المتحدة على مناشدة الطرفين فتح الحدود المغلقة، لكن تلك النداءات ظلت تذهب أدراج الرياح.
تضع الجزائر ثلاثة شروط لفتح الحدود وهي «وقف الحملات الإعلامية، وتعاون فعّال لوقف تهريب المخدرات نحو الجزائر، إضافة إلى إقرار المغرب بأن الجزائر لديها موقف ثابت بشأن مسألة الصحراء». المغرب يقول ببساطة إن هذه ليست شروط بل «حالات نفسية وتقلبات مزاجية».
الثابت الوحيد الآن أن «القطار المغربي» لن يتحرك إذا لم تحل هذه المعضلة.

بقلم : طلحة جبريل
copy short url   نسخ
29/07/2017
2735