+ A
A -
الجرم الكبير الذي قامت به إسرائيل بإغلاق المسجد الأقصى أمام المصلين يوم الجمعة للمرة الأولى منذ محاولة اليهودي الأسترالي دينيس مايكل روهان حرق المسجد الأقصى عام 1969 كان باختصار اختبارا جديدا لأكثر من مليار مسلم، لم يكن اختبارا للحكومات الإسلامية التي تزيد على 55 حكومة اتضح أن كثيرا منها يدعم إسرائيل ويعمل على المصالحة معها سرا منذ سنوات طويلة، وإنما كان اختبارا للشعوب العربية والإسلامية هل نبضها يمكن أن يصل إلى أن يهدد كيان إسرائيل أم أنها تنبض لكنه النبض الذي يبقي المريض على قيد الحياة دون أن يتحرك لصناعة الحياة.
ولا زالت عبارة رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير حاضرة حينما قالت إنها بعد هزيمة العام 1967 وسيطرة اليهود علي المسجد الأقصى لم تنم طوال الليل فقد اعتقدت أن العرب سيدخلون على إسرائيل من كل جانب ويقتلعونها من الوجود أو يلقونها في البحر حماية للأقصى كما كان يهدد زعماؤهم عبر الميكروفونات والاذاعات، ولكنها حينما أصبح الصباح ووجدت كل شيء هادئا نامت قريرة العين، وعلى غرار جولدا مائير قال وزير الأمن الداخلي الأسرائيلي غلعاد إردان في تصريحات نشرت يوم السبت الماضي ردا على ملك الأردن الذي يقع المسجد الأقصى تحت وصاية حكومته والذي طالب إسرائيل بفتح المسجد الأقصى «إن إسرائيل هي صاحبة السيادة في الجبل والمسجد الأقصى وموقف الدول الأخرى ليس مهما». وأضاف «إن إسرائيل هي صاحبة المكان ولسنا بحاجة لتوصيات من أحد دون النظر إلى آراء الآخرين، سواء الأردن أو غيرها من الدول، ما نراه ضروريا سوف نفعله «أي أنه لا قيمة لاعتراض أي حكومة عربية أو إسلامية فيما تقوم به إسرائيل».
وقد أكدت إسرائيل مرارا أن ما تخشاه ليس الحكومات العربية التي أعلنت بوضوح أنها لا تضع لها قيمة في تصرفاتها لكنها تخشى أبناء فلسطين الذين أصبحوا يهددون الكيان الإسرائيلي بشكل ملفت جعل نتانياهو يصدر قرارا بإقامة بوابات إلكترونية لكشف المعادن على كل مداخل البلدة القديمة في القدس وكذلك على كل مداخل المسجد الأقصى وفوق ذلك تركيب كاميرات في كل أطراف المسجد وداخله ليبقى طوال الوقت تحت الرقابة الإسرائيلية ومن ثم يمكن أن تتحكم في أي وقت في إغلاقه أو فتحه بدعاوى أمنية، وتعتبر انتقاضة الأقصى القائمة الآن والتي يستخدم فيها أبناء فلسطين كل أنواع المقاومة ضد الاحتلال من السكاكين إلى عمليات الدهس إلى المقاومة المسلحة عاملا أساسيا في شعور المحتلين بانعدام الأمن، وإذا كانت كثير من هذه الوسائل لم تكن معهودة من قبل فإن البوابات الالكترونية لن تحمي الإسرائيليين المحتلين، والمسجد الأقصى لم ولن يكون لهم على الاطلاق، لأن الله سبحانه تكفل دائما بوجود فئة تعلي راية دينه حتى وإن رضخت الأمة كلها أمام أعدائها، فلم يكن أحد يتوقع على الاطلاق أن هذا الجيل الذي ولد تحت سلطة الاحتلال يمكن أن يكون هو الجيل الذي يذيق الاحتلال مرارة انعدام الشعور بالأمن وأن يتحول الكيان الصهيوني كله إلى دولة أمنية ومع ذلك تفتقد الأمن.

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
18/07/2017
2974