+ A
A -
اكتملت مسرحية إبادة ومحو مدينة الموصل من الوجود، تلك المسرحية التي بدأت باحتلال تنظيم داعش لها في يونيو عام 2014 وانتهت بإعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يوم الاثنين الماضي عن تحرير المدينة من التنظيم، ولكن أي تحرير وأي نصر وأي موصل؟ لقد اتضحت فصول المؤامرة بالكامل، لم تعد هناك مدينة اسمها الموصل، فقد أبيدت المدينة ولم يعد بها بناء قائم على أصوله يمكن أن يقال إنه في الموصل حتى المساجد لم يعد لها وجود، كما أن السكان جميعا قد رحلوا أو قضوا تحت الأنقاض ولم يعد هناك سكان يمكن أن يطلق عليهم سكان الموصل فقد شردوا جميعا أو هجروا، ولم تعد الموصل هي عاصمة أهل السنة في العراق وهي المكان الآمن لمن هربوا من ويلات الحرب في الفلوجة والرمادي طوال السنوات الماضية، مع مخطط تقسيم العراق الذي وضع على الطاولة بعد توريط العراق في حربها مع إيران عام 1980، ثم توريطها في غزو الكويت عام 1990 ثم حصارها بعد ذلك حتى إسقاط نظام صدام حسين في العام 2003، ثم تسليمها للمليشيات التابعة لإيران من أجل تنفيذ مخطط التقسيم الثلاثي دولة للشيعة في الجنوب تكون متواصلة مع إيران ودولة للسنة في الوسط ودولة الأكراد في الشمال، لكن ومع زيادة نفوذ الجبهة الموالية لإيران وضعف السنة وعدم وجود قيادة لهم وتخلي الدول العربية السنية عنهم تم محو الدولة السنية ويعتمد التقسيم الآن على دولتين شيعية وكردية، على أن يعيش السنة على هامش الدولتين إن أرادوا، ولأن الموصل كانت العاصمة المرشحة لدولة السنة فكان لا بد من إبادتها بثقلها السني حيث كان يزيد سكانها عن مليوني نسمة ارتفعوا إلى ثلاثة ملايين بعد هجرة أهل السنة من المناطق الجنوبية والوسطى والغربية إليها خلال السنوات الماضية، قدمت الموصل طعما لتنظيم الدولة في المعركة التي وقعت بين التنظيم الذي قدر عدد قواته بين 800 و3000 مقاتل وبين القوات التي كانت في المدينة والتي قدر عددها بفرقتين الثانية والثالثة وكل فرقة تضم 15 ألف مقاتل علاوة على فرقة شرطة فيدرالية تقدر بعشرة آلاف مقاتل، وتشير تقديرات أخرى إلى أن عدد رجال الشرطة المحلية كانوا يزيدون عن ثلاثين ألف رجل أي أننا أمام جيش يزيد على مائة ألف مقاتل وهؤلاء كانوا مزودين بكل أنواع الأسلحة الثقيلة مثل دبابات إبرامز والطائرات المقاتلة وكل أنواع المدفعية، أي أننا أمام جيش كامل العدد والعدة، هل يعقل أن يهرب هؤلاء أمام ثلاثة آلاف مقاتل بأسلحة خفيفة إذا أخذنا عدد تنظيم داعش على أكبر تقدير؟ الأمر لا يصدق هؤلاء سلموا المدينة حتى يكون هناك مبرر لتدميرها وتهجير أهلها كما حدث الآن وتصفية قضية السنة في العراق بحيث لا يكون لهم مكان يمكن أن يكون عاصمة لهم، فقبل الموصل دمرت الرمادي ودمرت الفلوجة وهجر أهل المدينتين ومن حولها من المدن الصغرى كما هجر السنة من ديالي ومن كل مكان كانوا فيه أقلية وشردوا في كل مكان، وحينما ذهبوا لكركوك طردوا من كركوك، إنها جريمة كبرى لكن ما حدث فيها من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية له قصة أخرى!

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
13/07/2017
4937