+ A
A -
مجموعة السبعة العظام (G7) تكونت في 1975 من قادة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا واليابان وتم دعوة كندا بعد ذلك للقاء سنوي ودي أو غير رسمي يتم خلاله تبادل الآراء والأفكار بين قادة هذه «الدول الصناعية الديمقراطية الغربية الكبرى». وعادة ما يتم مناقشة القضايا العالمية المهمة في هذه الاجتماعات السنوية بما فيها الاقتصاد العالمي والأمن والطاقة وما يعن من مشاكل وأزمات في هذه السنة. تم دعوة روسيا في 1997 بصفة مراقب لحضور هذه الاجتماعات وبصورة رسمية في العام التالي 1998 لتتكون مجموعة الثمانية (G8). أما الصين فتمت دعوتها لأول مرة في 2004 ولتتكون بذلك مجموعة التسعة (G9).
أما قمة مجموعة العشرين، والتي استضافتها ألمانيا لأول مرة خلال هذه الألفية منذ أيام قليلة في مدينة هامبورج (7-8 يوليو) فلقد تأسست عام 1999 من اجل منح الدول النامية صوتا أكبر ودورا أهم في إدارة الاقتصاد العالمي والتنسيق بين مجموعة الدول الصناعية المتقدمة (مجموعة السبعة) وباقي دول العالم المهمة من الاقتصادات النامية والناشئة. ولأن دول مجموعة العشرين تشكل الآن حوالي 85 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتضم ما يزيد عن ثلثي سكان العالم فإنها تعتبر ممثلة لأهم عشرين اقتصادا في العالم.
والجدير بالذكر أنه عندما بدأ العمل لأول مرة في مجموعة العشرين كانت الاجتماعات مقصورة على وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية، ولكن في 2008 ومع اشتداد أزمة الركود الاقتصادي العالمي وانهيار شركة «ليمان براذرز» المالية تم عقد اجتماع بين رؤساء الدول لاحتواء الأزمة. ومنذ ذلك الحين يتم عقد الاجتماع السنوي بين قادة وحكام المجموعة.
وهكذا يحضر اجتماع العام بالإضافة لدول مجموعة التسعة الأرجنتين-أستراليا – البرازيل – الهند –إندونيسيا-المكسيك -جنوب أفريقيا -المملكة العربية السعودية -كوريا الجنوبية –تركيا -وممثل عن مجلس الاتحاد الأوروبي.
هذا ويحضر أيضا هذا العام وبدعوات خاصة من المانيا المضيف زعماء غينيا وهولندا والنرويج والفلبين والسنغال وسنغافورة واسبانيا وفيتنام.
ومنذ تأسيس مجموعة العشرين في عام 1999، تمكنت الولايات المتحدة والصين عموما من زرع الثقة في النظام الدولي عن طريق مساعدة بقية الدول في الحفاظ على نمو مستقر وتخفيف حدة الأزمات الاقتصادية التي تعرض لها عدد غير قليل من دول المجموعة وبخاصة أعضاء منطقة اليورو. ولكن في قمة مجموعة العشرين لهذا العام يبدو أن هناك تحولا وشيك الحدوث. الولايات المتحدة في ظل السيد ترامب ليس لديها شهية –أو كما يبدو، القدرة -للقيادة العالمية، كما أن الصين تواجه تحديات غير هينة لنموها واستقرارها، هذا في حين أن الاتحاد الأوروبي ينمو الآن أسرع من أي وقت منذ عام 2008. كما ان الانتخابات الاخيرة في هولندا والمملكة المتحدة وفرنسا قد أغلقت الباب أمام تهديد الشعبوية في أوروبا.
وهكذا يمكن القول إن الوضع العالمي الحالي قد عزز من ثقة الأوروبيين بأنفسهم وهو ما انعكس في اتفاق الاتحاد الأوروبي مع اليابان (اتفاق للتجارة الحرة)، وقيام أوروبا بأهم استثمار عالمي في مجال الطاقة العملاقة (توتال في إيران) منذ الاتفاق النووي عام 2015.
هذا وعودة أوروبا كمدافع عن «التعددية» وحاضن «لاختلاف الثقافات» كما أنها الآن تعتبر الحارس لاتفاق «باريس المناخي» الذي انسحبت منه الولايات المتحدة. ومع تزايد المخاوف على الاقتصاد الصيني وبخاصة حاجة الصين إلى معالجة تراكمها المستمر للديون الحكومية على المستويين القومي والمحلي. فلقد بدأ الشك يتسرب إلى دول مجموعة العشرين الناشئة عن مدى إمكانية الوثوق بالصين كزعيم اقتصادي وسياسي عالمي يسد الفراغ الذي تركته سياسات السيد ترامب على الساحة الدولية.
أما من ناحية الدب الروسي (بوتين) والذي يمارس الكثير من الاستعراض السياسي للعضلات سواء في أوكرانيا أو سوريا وينتهز التخبط الأميركي حيال قضية تأثير القرصنة الروسية في أوروبا وأميركا لتقوية مركزه السياسي فأنه في أزمة اقتصادية كبيرة. لقد عانت روسيا من انخفاض في الإنتاج في عامي 2015 و2016 شبيه بما شهدته الولايات المتحدة خلال 2008-2009 «ابان الأزمة المالية»، ومن ثم روسيا في حاجة ماسة للإصلاح الاقتصادي وهي ليست مؤهلة حاليا للزعامة أو القيادة العالمية.
وهكذا يمكن القول إن الاتحاد الأوروبي أخيرا سيخرج من أزمته وأن الأمل الأوروبي المتجدد يمكن تلخيصه في كلمة واحدة: «ميركرون». حيث أن الشراكة التي يمكن أن تنشأ بين فرنسا وألمانيا يمكنها أن تعيد القارة العجوز للتوازن العالمي وهو ما تحتاجه أوروبا لملء الفراغ الأميركي.

بقلم : أ.د. حسن يوسف علي
copy short url   نسخ
12/07/2017
2997