+ A
A -
في الستينيات سئل أحد الصحفيين «أندريه مالرو» الكاتب والمفكر والمناضل الفرنسي والذي أصبح وزيرا للثقافة في حكومة الجنرال شارل ديغول هذا السؤال: ماذا تسمي هذا العصر؟ وكيف يمكن القضاء على الفساد والتلوث الذي يجتاح العالم؟ فأجاب: إنه عصر الكذب ولا سبيل للنجاة إلا بالعودة إلى الحضارة الإنسانية وإيقاظ روح المقاومة في الفرد، وإجلال الفضيلة والشرف والكرم. وكل الحضارات قامت على هذه الأهداف وانتهت حين غابت هذه الأهداف. وهذا صحيح مائة بالمائة، كل الحضارات العظيمة قامت على الفضيلة والشرف والكرم، واندثرت حين خاطبت أسوأ المشاعر البدائية الدفينة في النفوس «الكراهية- الحقد- الغيرة- الخوف- الجشع» ونحن نعيش في عصر الكذب والأكاذيب والأخبار الملفقة.
إن نصف الحقيقة أشد خطورة من الحقيقة الكاملة، ومن البديهي أن التسامح لا يولد إلا التسامح، إلا أننا صدقا قد بذلنا جهدا حقيقيا لضبط النفس، وعدم السقوط في فخ البذاءات والادعاءات الممنهجة، وقاومنا قدر استطاعتنا شهوة الكلام التي لا تقل عن شهوة السلطة تدميرا للقيم والعقول والمبادئ، وذلك عن إيمان بأن الصمت في أحيان كثيرة أبلغ من الكلام، والفعل أقوى من رد الفعل، واللطف أفضل من الشراسة.. ومن المستهجن أخلاقيا النظر إلى دولة «قطر» كما لو كانت أرضا بلا شعب، وإلى «القطريين» كما لو كانوا شعبا بلا أرض.
إن الرأي العام قوة خفية لا يمكن مقاومتها! حكمة قالها «نابليون» منذ عشرات السنين وأثبتت الأيام صحتها، وما يحدث من حولنا الآن يؤكد هذا المقولة، لقد لفقت الحكومة الأرجنتينية الكثير من القصص حول معبودة الشعب الارجنتيني «إيفا بيرون» وحاولت بشتى الوسائل طمس الهالة القُدسية التي أحاطها بها شعبها، ومسح لقب نصيرة الفقراء الذي أطلقوه عليها بأن كشفت الحسابات السرية الخاصة بها والتي تقدر بملايين الدولارات والتي نهبتها على حد قولهم من المشروعات والمؤسسات الخيرية، وأضافتها لحسابها الخاص! فكان رد الشعب الذي أحبها وأخلص لها الحب موجزا وغير قابل للنقاش: «كلنا ملك إيفا فلتأخذ ما تشاء ولتفعل ما تشاء وسنظل نحبها للأبد».
وكلنا قطر شاء من شاء وأبى من أبى.. كلنا تميم المجد.. مجد تكوَّن ومن المستحيل هدمه..

بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
11/07/2017
1495