+ A
A -
دخلت الدول التي فرضت الحصار على قطر في نفق مظلم من أول يوم أعلنت فيه حصارها، وتوغلت في النفق المظلم حينما أعلنت مطالبها التي استفزت حتى المسؤولين الغربيين وعلى رأسهم وزيرا الخارجية الأميركي والألماني، ثم انتقلت من النفق المظلم إلى متاهة لا تعرف نهايتها ودوامة عميقة لا تعرف لها قرارا أو كيف تخرج منها بعد مؤتمر القاهرة الذي بدا فيه وزراء خارجية الدول الأربع وكأنهم سكارى لا يعرفون ماذا يقولون، حتى أن كلامهم تراوح بين التهتهة والفأفأة والوأوأة واستدرار العطف والضياع في التعبيرات فكانوا أضحوكة العالمين وسخرية المغردين والمراقبين، والسبب أنهم كانوا يتكلمون عن قضية خاسرة ومطالب عارية عن الفهم والتصديق، لذلك إذا تجاوزنا الكتابات التي يمكن أن توصف بأنها منحازة في العالم العربي وحاولنا التوجه لقراءة بعض تحليلات الكتاب الغربيين الذين كتبوا عن الأزمة والحصار لأدركنا عمق الدوامة التي غرقت فيها دول الحصار وحجم الخسائر السياسية والدبلوماسية والإعلامية التي حققوها علي مستوى العالم، وعلى سبيل المثال لا الحصر في مقاله الذي نشره في 6 يوليو الجاري في صحيفة «فرانكفوتر الجماينة تسايتونج» الألمانية التي توصف بأنها صحيفة النخبة وصناع القرار الألمان، قال الدكتور راينر هيومان خبير شؤون الخليج والشرق الأوسط في مقاله الذي نشره تحت عنوان «أوهام في منطقة الخليج» إن الصراع القائم حاليا في قطر والدول الخليجية المحاصرة لها لا علاقة له بالإرهاب من قريب أو بعيد وإنما هو صراع حول النفوذ والسلطة، وأكد الكاتب على أنه «لا يمكن لأمير دولة الكويت ولا لوزير خارجية ألمانيا زيجمار جابرييل الذي يحاول إجراء وساطة بين كل من السعودية والإمارات من جهة وقطر من جهة أخرى إيجاد حل للأزمة»لأن هذا الصراع يدور منذ سنوات طويلة بسبب أن دولة قطر الصغيرة كثيرا ما كانت تغرد خارج السرب بسياستها المستقلة ودعمها لثورات الربيع العربي.
أما الدبلوماسي الأميركي باتريك ثيروس فقد كتب مقالا يوم الأحد الماضي في «الواشنطن بوست»الأميركية قال فيه «ليس من العدل تحميل قطر مسؤولية الأزمة الخليجية لاسيما وأن محاولات الرياض إخضاع قطر بدأت قبل وقت طويل من انطلاقة قناة الجزيرة، وكذلك قبل عدة سنوات من النهضة التعليمية والاجتماعية التي حققتها قطر والتي تشكل فعلا تهديدا حقيقيا لاستقرار الدول التي تحيط بقطر». ويوم الخميس الماضي كتبت صحيفة «لوتون» السويسرية في افتتاحيتها التي تمثل رأي الصحيفة مقالا انتقدت فيه دول الحصار بشدة تحت عنوان «فضيحة الجبهة المناوئة لقطر» قالت فيه «إن الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات والبحرين على جارتها الصغيرة قطر يشكل أسوأ أنواع الابتزاز الدبلوماسي في القرن العشرين»، وانتقدت الصحيفة المطالب والمهلة التي قدمتها هذه الدول لقطر وشبهتها بالمهلة التي منحتها ألمانيا لهولندا عشية الحرب العالمية الثانية وابتزاز الصين لليابان بواحد وعشرين مطلبا تعجيزيا غداة اندلاع الحرب العالمية الأولى «نكمل غدا».

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
10/07/2017
3623