+ A
A -
• يسعى الإنسان إلى تغيير في الأمور التي تتصل بالناحية الحياتية المادية بما يخدم الإنسانية للأفضل، التغير الذي يسهل تعايشه بصورةٍ سهلةٍ ومريحةٍ على هذا الكوكب المليء بالمتناقضات، وتغيير إيجابي بتصحيح وحساب مشاعرنا وتقويمها.

وقد يسعى البعض إلى تغير شاذ، تغير وتبدل مفاجئ في الكتلة المتحركة بالإنسان، كتلة مشاعره، تلك العجينة الحية اللينة المرنة التي يسهل تلوينها وصبغها وتشكيلها، إذا ما تركت للأهواء وللمتغيرات وللظروف المحيطة، أو لنقل ذلك النهر الجاري بعمق، الباقي ببقاء الإنسان على هذا الكون!

• غريبةٌ، ذلك التحول في الإنسان بتغيره للأسوأ، فقد تجد شخصاً في المدرسة له شخصيةٌ وسلوك.. وفي الجامعة شخصٌ آخر وآراءٌ أخرى.. وفي العمل إنسانٌ ثانٍ، له مبادئ وتحرك غريب!.. وخارج العمل شخصٌ كأنك تقابله لأول مرة! أين إنسانية وتفرد وتميز هذا الإنسان وشخصه؟ لمن خصه الله بالعقل ليميز به بين الحق والباطل ويرشده للصواب؟!

• نوعية من البشر نسوا إنسانيتهم وتركوها بعيدا عنهم تاركين المجال لما حولهم من أمورٍ وآراءٍ وحقائق ومتغيراتٍ تَنفُذ بسرعةٍ لأعماقهم لتمسح آدميتهم وتغير مبادئهم في سبيل غايات دنيوية!

هؤلاء قد يكونون تناسوا إنسانيتهم في حقائب سفرهم كمن عاد من رحلة سفر وسعى لاهثا خلف أنانيته دون الالتفات لما عنده! فهم كالغريب الضائع الباحث عن الشيء من اللاشيء!.. الغريب الذي يبحث عن مشاعر تحويه وإنسانيةٍ تنعش أعماقه!.. تائهٌ وضائع وناسياً بأن مشاعره وسعادته تعبق في أعماقه! لكنه ترك مغريات الحياة وأمورها تسيطر عليه وتحركه دون وعي منه!.

• أجمل ما في الإنسان ما يحمله من طفولته وبراءة هذا العالم، العالم الصادق النقي بما تحتويه من مشاعر صادقة بريئة، تلك التي يحرص ويؤكد ويحافظ البعض على وجودها في أعماقهم حماية وصدا من غزو أولئك الذين لا يهنأ لهم بالٌ إلا بضمك لصفوفهم ومدارسهم التي تعلم آخر فنون التعامل السلبي وكيفية نكران الذات والتحلِّي بسياسة نفاق تخدمهم دون الالتفات لأي شيء آخر! أن تكون ضمن فئة الإنسان البريء الصادق في تعامله وفي إنسانيته يعني أن تكون من أولئك الذين يحرصون على مشاعرهم ومشاعر من حولهم، بمبادئهم التي تعد كنزا وزادا في مواجهة أعباء الحياة.. وقسوتها!.

• المشاعر الصادقة والتعامل الصادق، هي الحاسة السادسة الصادقة الناطقة بكل مفردات الحروف المعبرة عن الإحساس دون أن تعبر على مصفاةٍ أو دون أن تتشبث بآراءٍ ووجهات نظرِ فئةٍ تنخر بالأعماق كما تنخر السوس في الخشب!

يعتقد البعض أن الإنسان يجب أن يعايش ويتكيف مع من حوله، ويسير في اتجاه الريح، لا أن يسير في الاتجاه المعاكس ولا أن ينحني برأسه وقامته أمام عواصف ومتغيرات، وبذلك يعيش حياةً سويةً خاليةً من المشاكل والشجون والآلام، وينسون أن الحياة خارج نطاق الذات في حد ذاتها متعبة ومرهقة لصاحبها.

• مشاعر الإنسان التي ربما تتوه أو يصيبها آثار التغير.. أو تتعب من رفض الناس لها.. أو ربما تتجه للعزلة.. هذه المشاعر قد يكتنفها صعوبةً في المواجهة والتعايش مع فئة من البشر! قد تتعب ولكن العزلة والابتعاد يعني ضعفا وهروبا بل إن التمسك بمبادئها وقيمها في ظل المتغيرات قوة، دون ترك منفذٍ ليأس لأن ينفذ إليها سريعا.

الحرص على التزود بجمال المبادئ من بحورها وكتبها ومن خلال من يحملون صدق المشاعر الجميلة الذين لم يتلونوا ولم تزحف إليهم أنانية عالم الكبار.. من خلال التعامل مع الأطفال.. هؤلاء الذين ينثرون مشاعرهم الصادقة بعفوية التي تنعش مشاعر عابقةً بأعماقنا، مشاعر طفولتنا الصادقة الخيرة، وتدعونا للتمسك بمبادئها الجميلة.

• آخر جرة قلم:

الحرص على الاحتفاظ بعبقِ وبقايا الطفولة في الأعماق.. ذلك العالم المعطاء بعطاء الحب لمن يحبهم بصدق.. دون منَّةٍ.. أو تعالٍ أو كذب!.

الأيام تمضي، والعمر أوراقه تتساقط وترحل بعيداً، ولا يبقى لنا إلا تلك اللحظات الثمينة والذكريات السعيدة، والذكرى الجميلة، والمشاعر الصادقة، تلك الدافعة للتعامل بصدقٍ وروحٍ وشفافيةٍ محبةٍ رافضةً لكل المتغيرات السلبية، المتمسكة بمبادئها مهما طال زمن التغير، وشاع في عالمنا وانتشر. لنبحث في أعماقنا، فلربما نصل لأعماقِ وبقايا طفولتنا الجميلة الصادقة، لتُنعش وتحيي أرواحاً ميتةً، ومشاعر متبلِّدةً، ونُلبسها رداءَ البراءة والصدق، والحب.

بقلم : سلوى الملا

copy short url   نسخ
12/05/2016
1662