+ A
A -
أظن ان الرئيس الروسي بوتين قالها وهو يضحك ساخرا، اذ انه يطالب في قولته المزارعين الروس شكر الرئيس الأميركي السابق أوباما على العقوبات ضد موسكو، لأنها دفعت الحكومة الروسية لفرض حظر غذائي على الواردات، ما أحدث طفرة زراعية في البلاد!، ليتجلى بصحة ونجابة القول: «رب ضارة نافعة»، وكأن العقوبات الأميركية صارت عامل تحفيز للبلد المُعاقَب يدفعه إلى ردع من يعاقبونه.
التجربة تؤكد ان معظم الدول التي فرضت عليها عقوبات، تخرج من هذه التجربة، أشد عودا، وأقوى عزيمة، وأبرع قدرة وإبداعية بمواجهة التحديات، ولهذا زرع وانتج الروس ما لم يكونوا يزرعونه حجما ونوعا قبل فرض العقوبات عليهم، تحديا لمعاقبيهم.
ربما أيقن الروس وغيرهم الآن، انه لا حرية مع فقر إنتاج الغذاء، وانه لا قوة حقيقية على الارض ما ظل الاعتماد على الاستيراد من الغير، ولهذا فلربما تشعر أميركا حاليا بندم أنها اجبرت واضطرت الروس ان ينتجوا غذاءهم بأنفسهم، ليكون تأثير العقوبات الأميركية صفريا بامتياز، فلا يوجد مستحيلات، والعلم يحقق كل يوم قهرا جديدا لكل ظروف البيئة التي تتحدى الزراعة وإنتاج الغذاء، فما كان يتعذر زراعته بالامس في بيئة معينة، صار اليوم ممكنا.
تماما كما تخرج دول وشعوب من محن تمر بها وتجتازها، وهي اكثر قدرة على الابداع التنموي، الذي يبدو بأحيان كثيرة مذهلا، ومدعاة للإعجاب، فانظروا مثلا كيف اجتازت فيتنام محنة الحرب التي كانت قاسية بكل معنى الكلمة، فخرجت منها الدولة الفيتنامية نمرا آسيويا اقتصاديا يقفز إلى الامام بوثبات تذهل الأميركيين الذين كانوا قد دمروه، ومن قبل فيتنام كانت اليابان وألمانيا بتجربتيهما اللتين لا يحتاجان إلى ضوء للتعريف بعبقريتهما.

بقلم : حبشي رشدي
copy short url   نسخ
26/06/2017
1429