+ A
A -
بالرغم من مشاعر القلق والغضب والاستنكار والذهول والصدمة سأظل ممتنة لهذه الأزمة التي نمر بها طالت أم قصرت، لقد جمعتنا على قلب واحد، قلب يرفض الحقائق الملطخة ويتمسك بقيمة كبيرة من أهم القيم، قيمة الحب للوطن وكل من يعيش على أرض هذا الوطن، لا نفرق بين مواطن ومقيم، كل البشر اخوة، كلنا اخوة، وكل القرارات المجحفة في حقنا لم تنجح في استدراجنا للوقوع في الفخ المنصوب لنا بلؤم مدروس «الشك» في قيادتنا، كنا كصناديق البريد المقفلة حسب تعبير الاديب الراحل «محمد الماغوط» متجاورين ولكن لا أحد يعرف ما داخل الآخر، نتحدث في كل شيء ولا نتحدث عن أهم شيء- الوطن –وما يعنيه لنا، حتى فُرضت علينا هذه الأزمة فحطمنا الصناديق والقينا بالمفاتيح وانفتحنا على بعضنا البعض بفخر، في هذه الاوقات الصعبة ظَهر العطاء المُطلق، والتكاتف المٌطلق، والحب المُطلق...في هذا الوقت الحاسم اختفت كلمة «أنا» من قاموسنا اليومي وحلت بدلها «نحن» نحن كشعب وقيادة، نحن معا، اذلالك اذلال لي، معاناتك معاناتي ايضا، كل ما يحدث لك يحدث لي في نفس الوقت...
صدقا لا نملك كل الاجابات حول ما حدث وما يحدث، لكن هناك أمرا واضحا وضوح الشمس في منتصف نهار صيفي، نحن نعيش عصر النازية الجُدد، لقد تمت معاملتنا من قبل أكثر من هتلر كمعاملة اليهود، سئل احد الصحفيين القائد المخضرم «تشرشل» عن أهم صفة ينبغي أن تتوافر في السياسي فأجاب: القدرة على أن يتنبأ بما سيحدث غدا، وفي الشهر التالي، والعام القادم، ثم يفسر بعد ذلك تفسيرا منطقيا السبب الذي من اجله لم يتحقق ما تكهن به»!
غدا أو بعد شهر أو بعد عام أو عدة أعوام ماذا سيقول الساسة لشعوبهم عن أسباب مقاطعة ومحاصرة ومحاولة اذلال شعب شقيق، ما هي المسوغات والحجج التي سيبررون بها الخسة والوضاعة في تعاملهم مع شعب لم يكن قبل وقت قريب يفرق بين قطري وسعودي بحريني وقطري، اماراتي وقطري، حتى وقت قريب كانوا كلهم خليجين، أسرة واحدة يحمل افرادها أسماء مختلفة لا غير.
اولادنا وبناتنا لن ينسوا ما حدث حتى لو ضعفت ذاكرة الكبار، خليجنا واحد ومصيرنا واحد باتت نكتة بالنسبة لهم الآن، وربما لوقت طويل، الشرخ في العلاقات الإنسانية يمكن ترميمه، لكن لا يمكن أبدا إزالته بقرار أو جرة قلم أو التظاهر بأنه لم يكن موجودا قط.
بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
18/06/2017
2253