+ A
A -
أصابت الفتوى التي أصدرها مفتي السعودية بخصوص حصار قطر معظم الناس بالصدمة، لأنها قننت سلوكا غير إنساني وغير إسلامي وغير حضاري، لكن الأسوأ كان ما قام به أحد أئمة الحرم بالدعاء في التهجد في رمضان بشكل غير مباشر علي قطر وأهلها مما أثار غضبا أكبر بين الناس، ودفعهم للتساؤل هل وصل الحال بعلماء الأمة إلى هذا المستوى أن يتجاوزا مهامهم كعلماء للسلطان إلى أن يصبحوا مجرد أبواق تردد ما يملى عليهم حتى لو كان باطلا لا يحتمل التأويل؟
لقد كشفت محنة حصار قطر كثيرا من الوجوه التي طالما ظهرت على الناس تدعوهم إلى معان كثيرة في الإسلام تبين أنهم أبعد ما يكونون عنها، كما أكدت محنة حصار قطر أن مكانة العلماء لا تكون بكثرة ما يحفظون ويعرفون من علوم الدين ولا بمواقعهم ووظائفهم وكثرة ظهورهم على الشاشات ووسائل الاعلام وإنما بقولهم كلمة الحق في وجه السلطان الجائر حينما تكون واجبة، ولعل هذا ما جعل عشرات من علماء السعودية الذين جهروا بكلمة الحق في غياهب السجون مثل الدكتور سعيد آل زعير والشيخ عبد العزيز الطريفي أحد أبرز علماء الحديث والفقه والداعية المحدث سليمان العلوان وخالد الراشد وسعود القحطاني الذي يعتبر من أبرز المعتقلين في السجون حيث قضى أكثر من خمسة وعشرين عاما وعلي الخضير وإبراهيم السكران ووليد السناني المعتقل منذ العام 1994 وعشرات آخرون بل مئات غيرهم، ومع تحفظ السلطات السعودية على أي معلومات عن المعتقلين السياسيين فقد أظهر تقرير نشرته «ساسة بوست «نقلا عن جمعيات حقوقية عالمية أن عدد المعتقلين السياسيين يتراوح بين 25 ألفا إلى 30 ألف معتقل، كثير منهم قضى سنوات في السجن دون محاكمة، ولنا أن نتخيل أن كثيرا من المعتقلين في غياهب السجون سجنوا بسبب تغريدات على تويتر مثل المحامي والناشط الحقوقي وليد أبو الخير الذي حكم عليه بالسجن خمسة عشر عاما بعدما تولى الدفاع عن عبد الرحمن الشمبري أحد المتهمين في قضية إصلاحيي جدة، وقد اعتبرت مجلة فوربس وليد أبو الخير واحدا من أكثر 100 شخصية عربية تأثيرا علي تويتر، وقد كان هذا كافيا لتوجه لأبي الخير تهمة «ازدراء القضاء» و«التواصل مع جهات أجنبية» والمطالبة «بملكية دستورية» و«تشويه سمعة البلاد» وتحريض الرأي العام على التظاهر وهي قائمة التهم التي عادة ما توجه لكل من ينادي بالإصلاح حيث كان هذا كافيا للحكم عليه بالسجن خمسة عشر عاما، أما محمد الحضيف فقد دفع ثمنا كبيرا لمناصرته الثورات العربية وجهره بالحق وفضحه لشراء أبوظبي ذمم معظم الكتاب والصحفيين السعوديين الذين يدعون أنهم ليبراليون فأصبح ولاء معظمهم لأبوظبي وقد دفع الثمن من خلال اعتقاله وإيداعه السجن منذ سنوات.
إذن من أراد أن يفهم مواقف وفتاوى علماء السلطان التي تخالف الشرع والدين عليه أن يفكر في ثلاثين ألفا قالوا كلمة الحق ويدفعون ثمنها في السجون.

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
18/06/2017
23051