+ A
A -
على المحور الرباعي، وهو يرسم استراتيجياته ضد قطر، ان يتذكر انه باستثناء الدول المعدودة المضغوط عليها، لم يَحْظَ المشروع التآمري الذي بدأ تطبيقه في الخامس من يونيو، يوم النكسة الأولى، بأي اسناد او اعجاب، بل كانت ردة الفعل العالمية معاكسة تماما في ظل فشل الرياض وابوظبي والمنامة والقاهرة، في إنشاء قضية عادلة قابلة للدفاع عنها او تبريرها.
هذه الدول التي اجبرت على اخذ جانب المحور تحت طائلة التهديد بوقف المساعدات عنها، تصرفت كمن يتجرع السم او كمن اضطر لضمان لقمة اليوم التالي، مع ضرورة الملاحظة بأن أيا من هؤلاء لم يُبْدِ حماسا لمعاقبة قطر أو محاصرتها، كما لم يعلن مباركته لهذا المسلك اللاإنساني وغير القانوني.
ما ارتكبوه أشبه بتصرفات المحافل السرية، وما صاغوه في البداية يعجزون عن صياغةنهاية له، وإن كان خبراء هنا وهناك يتحدثون عن عدالة اليوم التالي، والتي ستكون من نصيب قطر.
عشرات الدول تقف جاهزة للتوسط، لكن أيا منها لم يُثن على المؤامرة، بل استهجن كل الذين علّقوا على الاحداث، اللجوء المفاجئ والغادر لاجراءات انتقامية سادية شملت اغلاق نقاط العبور جوا وبرا وبحرا، ومنع تصدير الغذاء بالذات الى قطر.
وإذا كانت القيادة القطرية قد تغلبت بسرعة قياسية على النقص في السلع من خلال التفاهم مع دول كتركيا وإيران والهند وسلطنة عمان، التي ارسلت عشرات الطائرات المحملة بالغذاء والدواء وفتحت الخطوط الملاحية البديلة، فإن سريان الحياة الطبيعية في انحاء قطر، برهن منذ الساعات الاولى من الازمة ان الدوحة كفيلة بممارسة الصبر والصمود، مهما كان الجهد ومهما طال الزمن.
ومن مؤشرات القدرة على المواجهة الفاعلة، ذلك النشاط الاستثنائي الذي يشهده ميناء حمد، اضافة الى استمرار عقد الصفقات غازا ونفطا، مع تغلب مبهر حققه القطاع المصرفي على كافة اعمال الشغب والقرصنة التي فشلت في تعطيل العصب المالي بكافة مجالاته.
لكن المكابرة ظلت عنوانا للمحور الذي ما زال يغلق ويعاقب ويهدد ويتغطرس دون نتيجة تذكر على أرض الواقع. وكان من شأن المكابرة أن دفعت واشنطن الى التأكيد بأنها لا تعكف الآن على استضافة لقاء دولي لبحث الازمة الخليجية، كما راج منذ ايام، لأن «الظروف غير مهيأة والاطراف غير مستعدة».
التسوية متوافرة لمن يريدها، وقد نصح بها وزير الخارجية التركي قبيل لقائه امس الملك سلمان، مذكرا السعودية بأن عاهلها قادر على قيادة جهود التسوية باعتباره قائد الدولة الاكبر والأهم في الخليج العربي.
لا نظن ان الدوحة تسعى الى التصعيد، لكنها تسعى وراء حقوقها، ولعلها تتمنى ان يفتح السجانون الابواب، وأن يجهز اصحاب القرار هناك، عملية سياسية جادة وصداقة تنهي الازمة قبل ان تستفحل، وأن يعطلوا مشروع ايران التوسعي الذي يقولون انهم يرفضونه ويعارضونه، فإذا بهم يعارضون حرية دولة جارة وشقيقة.
لا تصرخوا بوجه الدوحة.. اصرخوا بوجه إيران وتصرفوا، حيث يجب الصراخ والتصرف، وأنتم صامتون. فعلا الجاهل عدو نفسه!

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
17/06/2017
1863