+ A
A -
لم تأتِ رياحِ رئيسةِ الوزراء البريطانيةِ (تيريزا ماي) كما أشتهت سُفنها، فقد اندفعت لإقرار وترتيب الإنتخابات التشريعية المُبكّرة، وبشكلٍ مفاجئ، وهي التي كان حزبها (المحافظين) يحوز على الأغلبية في مجلس العموم في حينها، وكان هدفها الحصول على تفويضٍ أقوى لقيادتها للدخول في المفاوضات الصعبة للخروج من مجموعة الاتحاد الأوروبي.
(تيريزا ماي) كانت تعتقد، بفوزٍ كاسح لحزب المحافظين، وبهزيمة مُنكرة لحزب العمال تحت رئاسة (جيرمي كوربين) المحسوب على اليسار، حيث توقعت استطلاعات الرأي العام في بريطانيا وأسكتلندا، في البداية فوزاً كبيراً يُقوّي موقف (تيريزا ماي) ويقضي نهائياً على خصمها العمالي (جيرمي كوربين)، فتقود البلاد بأريحية تامة دون إرعاجاتٍ سياسيةٍ من أي طرفٍ كان، وبوجود معارضة هشة لاحول ولاقوة لها.
إن دروس الإنتخابات التشريعية الأخيرة في بريطانيا، أفصحت عن حقيقة ضعف (تيريزا ماي) وعودة صعود (جيرمي كوربين)، وقد تكون فرصة وحظوظ (جيرمي كوربين) في الفترة التالية، ولو بعد حين، أكثر حضوراً في قيادة الحكومة البريطانية في إطار إئتلافٍ سياسي.
ومن جانبٍ أخر، إن الإنتخابات البريطانية، وبنتائجها، أثبتت أن مقاييس استطلاع الرأي العام التي تجري عادة قبيل الإنتخابات التشريعية والرئاسية في العديد من بلدان العالم، ليست دليلاً قاطع دوماً، بل هي مؤشراً لحظياً قد تتغير معطياته أمام أي حدثٍ طارىء قد يقع، وهي ظاهرة عالمية فيما يبدو، خصوصاً في الغرب. فحدوث اختراقٍ أمني، وعملٍ إرهابي على سبيل المثال قد يقلب المعطيات رأساً على عقب، ويزيح مواقف القاعدة الشعبية العريضة من التصويت لمرشح أو حزب لصالح طرفٍ منافس.
لقد انهزمت (تيريزا ماي) وخابت آمالها بدرجة كبيرة جداً، بينما زادت حصة حزب العمال البرلمانية والذي استهدفته بنسبة 30 مقعداً، وخسر حزب المحافظين 12 مقعداً مما أفقده الأغلبية. بينما كان الحزب الوطني الاسكتلندي (SNP) هو الخاسر الأكبر أيضاً، حيث خسر 21 مقعداً من أصل 566 كان يحوزها سابقاً. كذلك خسرت رموزاً كبيرة مثل (نيك كليغ) الرئيس السابق لحزب الديمقراطيين الأحرار، حيث دفع ثمن تحالفه السابق مع حكومة المحافظين في 2010، وكذلك خسر (أليكس سالموند) الرئيس السابق للحزب الوطني الاسكتلندي الذي قاد استفتاء 2014 من أجل استقلال اسكتلندا.
المهم هنا، أن (تيريزا ماي) فشلت في الحصول على الأغلبية المطلقة، التي تُمكنّها من تشكيل حكومة دون تحالفات، فهي ستشكل الحكومة مع حزب محافظ من إيرلندا الشمالية هو الحزب الاتحادي الديمقراطي على الأرجح، وهو حزب حصل على 10 مقاعد وله تاريخ طويل في الصراع في إيرلندا الشمالية، حيث عارض الحزب اتفاق السلام الموقع في عام 1998 حتى عام 2007 حين تولى منصب الوزير الأول في إيرلندا الشمالية. والمهم أيضاً أن مهمة (تيريزا ماي) على صعيد السعي من أجل للحصول على تفويض أقوى وأوسع من أجل مسألة الاتحاد الأوروبي قد باءت بالفشل.

بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
14/06/2017
1767