+ A
A -
يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة، يتضح أن الخلاف بين السعودية والإمارات والبحرين مع قطر ليس خلافا على قضايا فرعية، وإنما هو خلاف بين مشروعين واضحين: مشروع يقوم على إقامة سلام مع إسرائيل، حتى ولو على حساب القضية الفلسطينية وحركات المقاومة علاوة على محاربة المشروع الإسلامي الوسطي، وتولية الأمور للعلمانيين الذين يجاهرون بكراهية الدين والحرب عليه، وبين مشروع عروبي إسلامي أصيل يحاول مع كل الضغوط الدولية والحرب المعلنة على الإسلام من أطراف كثيرة أن يقدم النموذج الوسطي للتعايش بعيدا عن التطرف وأن يدعم حق الشعوب العربية في اختيار من يحكمها وحقها في التحرر من الظلم والاستبداد الذي تعيش فيه منذ عشرات السنين، ومع أن الموقف السعودي تحديدا سبب صدمة لدى أوساط كثيرة إلا أن الهجمة الاعلامية المفبركة والشرسة والتي يقوم عليها التيار العلماني في السعودية كشفت أن المخطط ضد قطر قديم ولا يمكن أن يتم عزله عن المحاولة الانقلابية الفاشلة التي تعرضت لها قطر عام 1995 وكانت بعض الأطراف التي تقاطع قطر وتحاصرها الآن ضالعة فيها، غير أن قطر تغيرت كثيرا منذ ذلك الوقت وتحولت من دولة صغيرة لا يكاد يعرفها أحد إلى أن أصبحت تتصدر المراكز الأولى عالميا في مجالات كثيرة تجاوزت فيها كثيرا الدول التي كانت تراهن على تركيعها، فمن خلال قناة الجزيرة تفوقت قطر عالميا وليس محليا أو اقليميا أو عربيا، وأصبحت الجزيرة أحد أهم مراكز الأخبار في العالم، مما جلب الحقد عليها والغيرة منها، كما أصبحت «القطرية» واحدة من أهم شركات الطيران في العالم، وأصبح مطار حمد واحدا من أهم المطارات وأجملها في العالم، كما حصلت قطر على حق تنظيم كأس العالم 2022 الذي جعل كل هؤلاء يسعون لإفشال الأمر بكل ما أوتوا من أموال واتصالات، كما حصلت قطر على مركز أعلى دخل للفرد في العالم وحصلت على مراكز متقدمة في مجال مكافحة الفساد وكذلك التصنيفات الائتمانية لبنوكها والاستقرار والأمن والأمان وغيرها من النجاحات التي تجاوزت فيها جيرانها وجعلتهم باختصار يتعاملون معها بحقد وكراهية لاسيما بعد نجاحها سياسيا في أن تخط مسارا في السياسة الدولية يحظى بالتقدير والاحترام في المحافل الدولية وليس تابعا لأحد.
هذه العوامل وغيرها جعلت من حولها يحاول كسرها وإعادتها إلى الوراء لذلك جاءت ردة الفعل ضد قطر بعد زيارة ترامب عنيفة وحقودة وعمياء لا تراعي أي أعراف أو مبادئ أو أخلاق، فحصار دولة قطر ومطالبتها بطرد حماس وقيادتها مقابل فتح الأبواب لإسرائيل في نفس اليوم من خلال الاتصال الذي جرى بين القناة الثانية الإسرائيلية وأحد مدراء مراكز الدراسات في جدة، وأعلن فيه عن الشرق الأوسط الجديد الخالي من المقاومة للاحتلال والمتماهي مع أحلام إسرائيل، هذا يؤكد أن المشروع أكبر من مجرد الحصار ويوما بعد يوم سينكشف المخطط ويتعرى المخططون.

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
08/06/2017
4623