+ A
A -
«العادات السبع للأفراد الغاية في النجاح» هو عنوان كتاب تم نشره في 1989 «لستيفن كوفي» ولكنه مازال يحتل مكانة متقدمة ومؤثرة وسط الكتب التي يتم قراءتها عالميا اليوم. رأيت أن أشير اليه بكثير من الاهتمام والتفصيل لأننا في العالم العرب نمر بحقبة من التردي والفشل لا أعتقد أنه يوجد لها مثيل في العالم المعاصر. ولأن الأمم تتكون من مجموعة الأفراد، ففشل الأفراد هو السبب الرئيسي في فشل الأمم. ومن ثم نجاح الأفراد هو مفتاح نجاح وبناء الأمم. وكذلك لأني وجدت الكتاب يؤكد على مفهومين أعتقد أننا نفتقدهما كثيرا اليوم في العالم العربي.
أولا: أن النجاح ليس عشوائيا وانما له عدد من العناصر والخصائص التي تكون الفرد الناجح. ثانيا: أن النجاح لا يكون الا من خلال أتساق الناجح مع نفسه وتركيزه على المبادئ الأخلاقية مثل الصدق والنزاهة والكرامة الإنسانية. وهذا المفهوم الأخير أعتقد بأنه أهم ما نفتقده كأفراد ودول في عالمنا العربي المعاصر.
الكتاب تم نشره عدة مرات أخرها الطبعة الخامسة عشرة وأعتقد أنه مازال يصف عناصر النجاح في الآونة الحالية رغم تغير الظروف الاقتصادية والاجتماعية وثورة الاتصالات والمعلومات.
PROACTIVE العادة الأولى التي ناقشها الكتاب تتعلق «بالاستباقية» وكيف يكون الإنسان الناجح
أن تكون استباقيا معناها أن تكون مبادرا ولا تنتظر حتى يحدث الفعل ومن ثم ما تقوم به يكون مجرد ردود أفعال. أن تكون استباقيا معناها أن تتحمل مسؤولية نفسك. الأناس الاستباقيون يدركون أنهم قادرون على التحرك ولهم حرية المبادرة ولا ينتظرون الأحداث حتى تملى عليهم ما يجب أن يقومون به . وهم لا يلومون ظروفهم القاسية، أو محيطهم الجامد، أو اصولهم الفقيرة كمبرر لعدم قدرتهم. هم يعرفون أنهم يختارون سلوكهم. ومن ثم لا يحاولون تبرير سلوكهم بعوامل خارجية. هم ليسوا من المجموعات التي تكون إيجابية فقط حينما يكون الطقس جيد. أما إذا لم يكن الطقس جيدا، فإنه يؤثر على تصرفاتهم وعلى أدائهم ليصبح سلبيا، ولذا يلومون الطقس! الاستباقية معناها أن القوى الخارجية تعمل كمحفز نرد عليه وليس حتمية يجب أن ننصاع لها. الشخص الاستباقي يستخدم لغة استباقية -أستطيع، سوف اكون، أنا أفضل،...الخ. أما الشخص غير الاستباقى فيستخدم لغة رد الفعل -لا أستطيع، لا بد لي من أفعل ذلك، لا يمكنني القيام بهذا الأمر...الخ. بدلا من الاستجابة للظروف التي لا يسيطرون عليها أو لا يمكنهم السيطرة عليها، فإن الأفراد الاستباقيين يركزون وقتهم وطاقتهم على الأشياء التي يمكنهم التحكم فيها. الأفراد الاستباقيون يركزون جهودهم على دائرة يمكن أن يأثرون فيها. لذا تجدهم يهتمون بمجالات يمكن أن يفعلوا فيها شيئا مثل الصحة، والأطفال، ومشاكل العمل. بينما يركز الأفراد الآخرون جهودهم في أشياء لديهم القليل من امكانية السيطرة عليها مثل الدين، الوطنية، الإرهاب، والطقس. إن اكتساب الوعي بالمجالات التي يجب أن ننفق فيها طاقاتنا خطوة هامة في أن نكون استباقيين.
العادة الثانية تتلخص في أن الأفراد الناجحون يبدؤون أي عمل أو مشروع وفى ذهنهم تصور لما يمكن أن ينتهي اليه.
ماذا تريد أن تكون عندما تكبر؟ قد يبدو هذا السؤال عقيما أو غير ذي جدوى، ولكن التفكير ولو للحظات في الإجابة عليه تكون مفيدة إلى حد بعيد. هل أنت -الآن – الإنسان الذي تريد أن تكون؟ أو ما كنت تحلم به؟ هل تفعل دائما ما تريد أن تفعله؟ كن صادقا مع نفسك. في بعض الأحيان يجد الناس أنفسهم يحققون انتصارات فارغة أو نجاحات جاءت على حساب أشياء كانت أكثر قيمة بالنسبة لهم.
تعتمد هذه العادة الثانية على قدرتك التخيلية. قدرتك على تصورك العقلي لما لا يمكنك في الوقت الحاضر أن تراه بعينيك. ولأن الإبداع المادي يتبع التصور العقلي، تماما كما يتبع البناء المجسم المخطط الهندسي، فإذا كنت لا تبذل جهدا واعيا لتصور من أنت وما تريد تحقيقه في هذه الحياة، فانه لن يمكنك تمكين الآخرين واخضاع الظروف لتتناسق مع تشكيل حياتك الذي تريده. لذا يجب أن تضع لنفسك بيان بما تسعى لتحقيقه «MISSION STATEMENT». هذا البيان يركز على ما تريد أن تكون وما يجب أن تقوم به. إنها خطتك للنجاح. بيان مهمتكم يجعلك زعيم حياتك الخاصة. يمكنك إنشاء مصيرك وتأمين المستقبل الذي تصوره.
دعونا نكمل شرح بقية العادات السبع في المقالات المقبلة بمشيئة الله.

بقلم : حسن يوسف علي
copy short url   نسخ
07/06/2017
2898