+ A
A -
- 1 -
قلنا في مقال سابق: إن اتهام الرئيس عمر البشير للحكومة المصرية بدعم الحركات المسلحة الدارفورية، ورد الرئيس عبدالفتاح السيسي المُتحفِّظ والمُرتبك، يُؤكِّدان أن الأزمة بين الخرطوم والقاهرة، وصلت مرحلة تجاوز التعامل بالمُسكِّنات والمُهدِّئات الدبلوماسية، وأنها على موعد مع أحداثٍ عظيمةٍ قد تصل إلى مرحلة الدخول في معارك كسر العظم.
لا تزال حكومة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تتخبَّط في سياستها الخارجية، في كُلِّ مرَّة ترتكب مزيداً من الأخطاء وتظنُّ أنها تُحسِنُ صُنعاً.
وكما قال صديقنا الكاتب الصحفي مصطفى عبدالعزيز البطل: خطوة الرئيس السيسي بتوجيه الطيران المصري بقصف مدينة درنة الليبية بحجة استهداف (داعش)، بحجة أنها وراء تفجير حافلة الأقباط في صحراء المنيا؛ إذ تم القصف في وقت يُدرك فيه الجميع أن جماعة درنة إنما هي تنظيم إسلامي يعادي (داعش)، ويناهض تنظيم الدولة الإسلامية، ويصفها بأنها منظومة منحرفة لا صلة لها بالإسلام؛ بل إن جماعة درنة قاتلت داعش قتالاً مريراً وهزمتها وأجلتْها عن المناطق التي كانت تحتمي بها.

- 2 -
دخول مصر في حرب دارفور مؤخراً، بدعم الحركات المسلحة، لن تجني منه مصر خيراً، وسيرتدُّ عليها بكثيرٍ من الخسائر.
في أغلب قطاعات الشعب السوداني وصلت مُعدَّلات الاستياء والاستهجان من الأدوار المصرية المعادية للسودان، مستوى لم تصله من قبل يقترب من حدود الكراهية.
في مجالس المُدُن، وفي وسائل التواصل الاجتماعي، لا تستمع إلا لعبارات الاستهجان والرفض للدور السالب، الذي أصبحت تقوم به الحكومة المصرية في مناطق النزاع في السودان.

- 3 -
قبل أيام كشف مصدر سوداني رفيع، أن المُدرَّعات المصرية التي تم ضبطها في معارك شمال وشرق دارفور، سيُقام لها معرض في الساحة الخضراء بالخرطوم، مشيراً إلى أن الذخيرة التي استخدمتها الحركات في الهجوم كانت مصرية ومكتوباً عليها صنع في مصر.
ولم يكتفِ المصدر الرفيع بالكشف عن تلك المعلومات فقط، بل قال إن مصر صورت عبر شركة أوروبية خرائط لمداخل ومخارج حدود السودان وقدمتها للحركات، عقب اجتماع عقده رئيس هيئة الأركان الجيش المصري مع قادة الحركات المسلحة داخل الأراضي الليبية.

- 4 -
السلطات المصرية أقرت للحكومة السودانية بدعمها لقوات اللواء حفتر بليبيا، ونفت أن تكون قد دعمت حركات دارفور بالذخيرة والمدرعات، وأشارت إلى أن تلك الأسلحة قد تكون تسربت من حفتر للحركات الدارفورية.
أجندة مصر في دعم الحركات المسلحة الدارفورية في العملية الأخيرة، لم تكن ترغب من خلالها في تحقيق كسب عسكري لمصلحة الحركات.
كانت تبحث مصر الرسمية عن ردِّ فعل سوداني يعيد أجواء الحرب، ويسمح بنشر أخبار وتقارير المعارك لتصدر بيانات الإدانة من المنظمات والجهات الدولية.
مصر تهدف من خلال هذه العمليات العسكرية، بدارفور لإعاقة رفع العقوبات الأميركية عن السودان في يوليو القادم.

- 5 -
السودان يواجه مصر في العلن عبر كشف مخططاتها، وتقديم أدلة عملية وعينية في الميادين العامة للأسلحة التي قدَّمتها لحركات دارفور.
ومصر تُحارب السودان في الخفاء بدعم الحركات المُتمرِّدة على الخرطوم، وتوفير ملاذات لقادتها داخل الأراضي المصرية.
في مباريات كرة القدم السودانية المصرية القديمة، يقترب المهاجم المصري من المدافع السوداني، ويهمس له بكلمة مسيئة لا تتجاوز أذن المدافع؛ فيردُّ عليه المدافع السوداني في لحظة غضب بلكمة يشاهدها الجميع، فيُخرج الحكم الكارت الأحمر للمدافع، ويصبح الطريق مُمهَّداً لإلحاق هزيمة ثقيلة بالفريق السوداني.
تلك السيناريوهات لن تتكرر، لأن الحكومة السودانية أصبحت لها خبرة في التكتيكات المصرية ذات النزوع العدائي تجاه السودان.
والجهات الدولية تعلم علم اليقين طبيعة الأجندة المصرية، ودور أصابعها في تأجيج الحرب بدارفور بغرض إضعاف حظوظ السودان في رفع العقوبات الأميركية.

-أخيراً-
السودان سيتضرَّر مما تفعله حكومة السيسي بدارفور، ولكنَّ مصر على المدى الاستراتيجي ستخسر كثيراً؛ فما تقوم بهدمه اليوم لن تستطيع ترميمه غداً.

بقلم : ضياء الدين بلال
copy short url   نسخ
04/06/2017
2745