+ A
A -
الحملة الإعلامية التي تشنها صحف المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ضد قطر، إثر اتهامها بشق الصف وتشجيع الإرهاب ودعم الجماعات الإرهابية، في اعتقادي تضع المنطقة في مرحلة ما قبل الدولة رغم انتماء هذه الدول للمجتمع السياسي منذ أكثر من خمسين عاما أو ما يقارب من القرن. ولي هنا بعض الملاحظات أود لو أختصرها في التالي:
أولا: التعامل السياسي لدولنا الخليجية مع الآخر لا يأتي من خلال قنوات ديمقراطية تجعل المواطن على علم بتفاصيل أي خلاف قد ينشأ بين دولة وأخرى أو حتى بين دولته وجيرانها، فاتخاذ المواقف عادة ما يكون ميكانزم عصبية قبلية أكثر منه موقف سياسي واع ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة من خلالة متابعة وسائل الاتصال الاجتماعي وكمية الحشد النفسي والفزعة من طرف مواطني كل جانب ضد الآخر.
ثانيا: أعتقد أن دولنا الخليج تمر الآن بما يشبه الربيع العربي، حيث تتعرض الدولة فيها لضغوط كبيرة لم تكن موجودة قبل حدوث الربيع العربي مما جعلها عرضة للاستقطاب أكثر من ذي قبل، في ظل داخل مغيب بشكل أو بآخر، فنلاحظ مثلا أنه حتى الدول الذي تجذر فيها المجتمع المدني مقارنة بدول الخليج فشلت أمام تفجر الصراعات المذهبية والطائفية والعرقية، دليلا أن خيار الدولة كان ولا يزال مشروعا من المشاريع ولم يكن المشروع الوحيد الذي لا بديل عنه.
ثالثا: قطر اتهمت منذ فترة بأنها تُغرد خارج سرب بقية دول الخليج وهذه الأزمة ليست الأولى، لكن ما يهمني هو انحدار مستوى التعامل من السياسي إلى ما يشبه الترصد والتجسس وهو أسلوب أقرب ما يكون إلى أسلوب العصابات إلى أسلوب ثالث قبلي يعبر عن عصبية قبلية لا تمت إلى الدولة بصلة.
رابعا: هذه الاساليب تدل دلالة واضحة على البنى الذهنية لهذه المجتمعات لا تزال بنى ما قبل الدولة وان تقدم هذه الدول فقط في الجانب المادي لأن طريقة معالجة الخلافات هي محك الدولة الحديثة حيث لا انزلاق إلى ما دون المستوى السياسي لأنه كارثة على المجتمع وعلى الشعوب
خامسا: قطر تتميز عن بقية دول الخليج بأنها بلا معتقلين سياسيين لذلك قدرتها على الحراك كبيرة حيث لا تعاني من اشكالية في الداخل، لكن يجب التنبه دائما إلى أولوية المواطن حتى تصبح هذه الميزة فاعلة وإيجابية.
سادسا: أدعو إلى عدم تلويث الذاكرة الجماعية لهذه المجتمعات بما يجعلها في تضاد وشقاق لخطورة ذلك على المستقبل حيث ميكانزمات القبيلة يبدو أنه أكثر حراكيا وسرعة من ميكانزم الدولة.
سابعا: تبدو دولنا أنها غير راضية بالتاريخ لأن الدولة لم تُستكمل بعد فيها، يمكن ملاحظة ذلك في استقبال الرئيس ترامب والاحتفاء غير المسبوق لأي رئيس قبله وربما بعده، لذلك تبدو قضية البحث عن دور هاجس دائم ومسيطر.
ثامنا: صراع الأجيال داخل دائرة الحكم يجعل هذه الدول في حالة استنفار دائم وترقب ومشاريع تتعارض تماما بين السلف والخلف مما ينعكس سلبا على الوطن والمجتمع.
تاسعا: أدعو إلى حوار بيني داخل كل مجتمع لتتحمل الشعوب مسؤولياتها وحوار على مستوى دول مجلس التعاون واعتماد الاسلوب السياسي فقط للحل، لا يجب أن تنتصر الخيمة على المؤسسة ولا الجماعة على الوطن ولا الانانية على الايثار ولا الريف على المدينة ولا الفزعة على التعقل.
عاشرا: يجب عدم الزج بالدين والقبيلة والعائلة في السياسة حتى تتمكن دولنا من الاستمرار والنجاة من التشظي لا منجاة لأحد، من يريد سوءا بهذه المنطقة ليس له سوى هذه الآليات وتر الدين أوعصبية القبيلة أو مظلومية الطائفة.
لا تحرقوا السجل التجاري في متحف التاريخ المسجل باسم الشعوب المتحابة والمجتمعات المتآلفة ولاتخضعوا التاريخ لقراءة غير صحيحة وناقصة لا يمكن أن نعيش الدولة واللصوصية والقبلية في آن واحد.

بقلم : عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
29/05/2017
1952