+ A
A -
لم يكن لأحد قبل أيام قليلة، أن يصدق أن السوريين في الداخل السوري، تحديدا في المناطق والمدن التي تحولت إلى خراب بفعل تدمير طيران الأسد وحلفائه لها، وبفعل سيطرة كتائب الظلام والتكفير على الأرض، لم يكن لأحد أن يصدق أن سوريي هذه المناطق يمكنهم أن يستعيدوا سيرة الثورة في أيامها الأولى ويبدؤوا من جديد وكأن أربع سنوات ونصف من الخراب والموت والتهجير والدمار لم تمر عليهم، فالصور والفيديوهات التي تناقلها السوريون على مواقع التواصل الاجتماعي في يوم الجمعة الماضي 4/ مارس/ 2016، والتي غابت عن الإعلام المرئي العربي والعالمي، تكشف حقيقة عن إسطورة العنقاء وهي تعود إلى الحياة، إذ سجل الناشطون السوريون مائة وأربع نقاط تظاهر في سوريا في هذا اليوم، خرج فيها السوريون من تحت الأنقاض في مظاهرات مدهشة، يحملون لافتات تؤكد على مطالب ومبادئ الثورة الأولى: الحرية والكرامة وإسقاط النظام.

ولعل الملفت للنظر في هذه المظاهرات هو غياب الأعلام السوداء التي كان يرفعها أنصار داعش وكتائب النصرة والقاعدة والكتائب الجهادية الأخرى في تحركاتهم الماضية.

كان لافتا أيضا، غياب الشعارات الطائفية التي ميزت الكثير من المظاهرات في نفس هذه المناطق إبان تسليح الثورة.

وكان أيضا من اللافت تأكيد المتظاهرين على استعادة ثورتهم السلمية المدنية التي كاد السلاح والتطرف أن يودي بها، وإصرارهم على أن ما يحصل في سوريا هو ثورة شعبية مدنية لا حرب أهلية كما صنفها الإعلام منذ أربع سنوات، وكما أراد لها النظام وحلفاؤه المعلنون والمستترون أن تكون، خرج السوريون إذن مرة أخرى من تحت الأنقاض والموت ليثبتوا للجميع، أن في سوريا شعبا لا يموت، مهما حاول الجميع معه، وأن القضية العادلة ستبقى شعلتها متوهجة وستعود للاشتعال من جديد ما أن يتاح لها أن تتنفس الهواء والأوكسجين.

الهدنة الأخيرة في سوريا كانت بمثابة الأوكسجين للثورة لتعاود اشتعالها، كان المتظاهرون يقولون للمجتمع الدولي بأكمله: هذه ثورتنا الحقيقية، أوقفوا عنا الدم والدمار والقتل وأبعدوا السلاح كي تسمعوا أصواتنا نحن لا أصوات تجار الدين والدم والسلاح ومرتزقتهم، الذين سرعان ما استشعروا الخطر مما يحدث فخرجوا وحدهم في مظاهرات قليلة العدد يشتمون فيها الحرية والديمقراطية، ويدعون النساء إلى لبس النقاب والعباءة الشرعية، ويحملون أعلامهم السوداء كقلوبهم، في مشهد لا يحتاج النظام السوري وحلفاؤه في العالم كله لأكثر منه، لتأكيد وسم الثورة بالإرهاب والتخلف، ووسم بيئاتها الحاضنة باحتضان الإرهاب.



بقلم : رشا عمران

copy short url   نسخ
08/03/2016
1462