+ A
A -

- 1 -
لفترة تجاوزت العامين لم تَعُدْ أخبار العمليات العسكرية في دارفور تتصدَّر أخبار الصحف والفضائيات.
عاملان أسهما في الحدِّ من العمليات العسكرية في دارفور:
الأول: اتفاق الدوحة، وهو أهم اتفاق تم توقيعه لإنهاء دوامة الحرب في دارفور بدعم وإسناد من دولة قطر. أسهم الاتفاق في تأسيس ثقافة السلم ونبذ الحرب وإعلاء قيم التنمية والتصالح، وجعل من خيار الحرب خياراً مرفوضاً من قبل مُواطني دارفور، أهل المصلحة في الأمن والتنمية.

الثاني: استخدام الحكومة السودانية طرقاً ووسائلَ جديدة، للحدِّ من نشاط وفاعلية الحركات المُسلَّحة، وإضعاف قُوَّتها العسكرية.
مجلس الأمن الدولي اعتمد تقريراً أعدَّته لجنة خبراء شكَّلها المجلس، وجاء في التقرير أنه نتيجة لاستراتيجية الحكومة السودانية الفعَّالة في مُكافحة التمرُّد العسكري، فإنه لا وجود الآن لحركتي العدل والمساواة والتحرير، إذ إن نشاطهما انتقل لجنوب السودان وللأراضي الليبية. وذهب التقرير إلى أنه من الراجح أن الحركتين تُعِدَّان للعودة حين تتوفَّر فرصٌ جديدة.
-2-
ربما الفرصة الجديدة التي سعت حركات دارفور المُسلَّحة لاستغلالها، هي اقتراب موعد رفع العقوبات الأميركية عن السودان.
من أهم الشروط الأميركية لإكمال مشروع رفع العقوبات عن السودان، إيقاف العدائيات بين الحكومة والحركات المُسلَّحة.
التحرُّكات الأخيرة للحركات الدارفورية المُسلَّحة، جاءت مُتزامنةً مع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمنطقة، بما يوحي بخرق الخرطوم لإعلان إيقاف العدائيات، وبالتالي يؤثر في رفع العقوبات المتوقع في يوليو القادم بحسب القرار الأميركي.
لذا سارعت الحكومة السودانية لتوضيح أن الجيش السوداني لم يبادر بالهجوم على الحركات، وإنما تصدَّى لاعتداء من قِبَلِ الحركات التي تسللت إلى داخل السودان من دولتَي ليبيا وجنوب السودان بأسلحة ومدرعات مصرية.
-3-
التقارير الرسمية السودانية أفادت بأن القوات اخترقت الحدود قادمة من دولتي ليبيا وجنوب السودان. وقال المتحدث باسم الجيش السوداني العميد أحمد خليفة الشامي، إن مجموعتين مسلحتين تسلَّلتا إلى شرق وشمال دارفور من جنوب السودان وليبيا، وإنه يجرى التعامل معهما من قبل القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، التي تصدَّت لهم في منطقة وادي هور، مُقدِّراً تعداد تلك القوات بـ 100 إلى 140 تقل أو تزيد؛ وأنها- أي القوات- تكبَّدت خسائر كبيرة، ما دفعها للتراجع إلى الخلف والانسحاب.
القوات التي عبرت الحدود من الجنوب ليست قليلة، وجاءت على متن 60 عربة، تم الاستيلاء على 45 منها، وتمَّ تدمير خمس عربات، وجرت ملاحقة 11 عربة، بالإضافة إلى مجموعة قادمة من ليبيا على متن 140 عربة، وتم الاستيلاء على خمسين عربة.
-4-
تزامن ما يحدث في دارفور من تحركات عسكرية للحركات المتمردة على سلطة الحكومة السودانية، مع الجلسة التشاورية بين الحركات المسلحة والخرطوم في ألمانيا، تمهيداً لأجواء التفاوض القادم، والموافقة على ما يُعرَفُ بمُلحق الدوحة.
هنالك من يرى أن الحركات بتحركاتها الأخيرة، تُريد أن تقول: نحن موجودون ولنا مناطق نُسيطر عليها، لتحسين الموقف التفاوضي حال جرت أي مفاوضات رسمية، تمهيداً لأيِّ ترتيبات أمنية قادمة.
-5-
أخطر وأهم تطور في الأحداث الأخيرة، دخول الأصابع المصرية في حرب دارفور؛ فقد قال الرئيس السوداني عمر البشير أمام احتفال لتكريم مُتقاعدي القوات المُسلَّحة السودانية بوزارة الدفاع بالخرطوم: «إن قوات الجيش والدعم السريع غنمت مدرعات ومركبات مصرية استخدمها مُتمرِّدو دارفور في هجومهم الأحد الماضي على الولايتين».
هذه المرة الأولى التي تتَّهم فيها الخرطوم القاهرة، بدعم الحركات المُسلَّحة المُتمرِّدة عسكرياً.
في مرَّات سابقة كانت الاتهامات مُتعلِّقة فقط بإيواء القيادات العسكرية والسياسية والسماح لهم بالتحرُّك من وإلى القاهرة.
-أخيراً-
باتهامات الرئيس البشير ورد الرئيس السيسي المُتحفِّظ، من الممكن القول والتأكيد أن الأزمة بين الخرطوم والقاهرة، وصلت مرحلة تجاوز التعامل بالمُسكِّنات والمُهدِّئات الدبلوماسية، وأنها على موعد مع أحداثٍ عظيمةٍ قد تصل إلى مرحلة الدخول في معارك كسر العظم.

بقلم : ضياء الدين بلال
copy short url   نسخ
28/05/2017
3338