+ A
A -

مع أول أيام شهر رمضان الكريم انتصرت إرادة الأسرى في سجون ومعتقلات الاحتلال «الإسرائيلي»، الذين أضربوا عن الطعام لمدة 40 يوماً متتالياً، وارغموا سلطات الاحتلال في النهاية على الخضوع والاستجابة لمطالبهم الإنسانية اليومية، على طريق حريتهم الكاملة وتحريرهم من سجون الاحتلال.
بصمودهم، كابدوا شظف العيش، وتحملوا المعاناة القاسية، وولّدوا نصراً، وأذلّوا عدوهم 40 يوماً من الجوع والصمود تكللت بإنجازٍ مهمٍ على طريق حريتهم الكاملةِ على أرضِ وطنهم فلسطين.
من جوعهم صنعوا صموداً، ونصراً، وصنعوا مآثر خالدة في سفر الكفاح الوطني الفلسطيني، وحققوا إنجازاً.. ومن جوعهم أثبتوا مرة تلو المرة أن وسائل وأساليب الكفاح الوطني مُتعددة الأشكال والأنماط، وكلها تَصُبُ في مسار العملية الوطنية الفلسطينية.. فإضرابهم، وحملات التضامن والتكاتف معهم، هو الشكل الكفاحي الراقي، والحضاري، حين يَشتَق، ويجّترح، ويستعمل طلاب الحرية ما لديهم من سلاحٍ شريف ومتوفر، ونظيف، وممكن، في مواجهة أعداء الحرية، وجلاديهم.
في إضراب الجوع الأخير، شارك الأسرى من كل القوى الفلسطينية، ومن قيادات العمل الوطني داخل سجون ومعتقلات الاحتلال، وعلى رأسهم مروان البرغوثي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، والأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات، وكريم يونس، عميد الأسرى، ومن أبناء الداخل المحتل عام 1948، ومن بلدة (عارة) في المثلث الأسطوري لفلسطين، وإبراهيم حامد من قيادات حركة حماس في سجون الاحتلال...
في إضراب الجوع الأخير، أكثر 1800 أسير ومعتقل، كانوا رأس الرمح في الصمود الأسطوري، وفي مقارعة السجان، فانتصرت إرادتهم بعد 40 يوماً من الإضراب عن الطعام من أجل تحقيق مطالب إنسانية وقانونية عادلة، تَعَرَضّت خلالها حياتهم للخطر الشديد، لكنهم أصرّوا على مواصلة إضرابهم في معركة الحرية والكرامة، وقد استطاعوا بصمودهم فرض قضيتهم على صدارة جدول الاهتمام الشعبي والسياسي وحتى الدولي، ووقوف الشعب الفلسطيني كله خلف مطالبهم، ونجحوا في فرض التفاوض لمدة عشرين ساعة في اليومين الأخيرين من إضرابهم، مع إدارة السجون بعد أن كانت تتجاهل مطالبهم إلى أن تمكنوا من تحقيق العديد من مطالبهم العادلة.
إن إضراب الأسرى الأخير، وقدرتهم على انتزاع مطالبهم، يؤكد تنوع أساليب وأنماط الكفاح المُمكنة في مقارعة الاحتلال، كما يؤكد أهمية توفّر إرادة الصمود والتحدي، والتي من خلالها يُمكن انتزاع الحقوق والمطالب من الاحتلال.. ويمثّلُ أيضاً رسالة واضحة لأهمية تضافر وتوحيد كل الجهود من أجل تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني في معركته اليومية على طريق الحرية والعودة والاستقلال.. فإضراب الأسرى، لم يَكُن الأول من نوعه في سيرةِ وسرديةِ الكفاحِ الوطني الفلسطيني الحديث والمعاصر، بل جاء في سياق سلسلة من الفعاليات الوطنية والكفاحية التي لم تتوقف على مدارِ عقودِ الاحتلال المُتتالية للأرض الفلسطينية والعربية.
لقد انتصر الأسرى، وانتصرت مطالبهم الإنسانية العادلة، في جولة من جولات الصراع مع الاحتلال وعلى طريق حريتهم الكاملة، بعد 20 ساعة من المفاوضات مع الاحتلال، وتمت تلبية مطالبهم، وقد تم تعليق الإضراب مقابل موافقة مصلحة السجون على مطالب الأسرى الإنسانية، بعد مفاوضات ماراثونية بين القائد الأسير مروان البرغوثي ومصلحة السجون «الإسرائيلية» في سجن عسقلان.
بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
28/05/2017
1764