+ A
A -
في غضون أسابيع قليلة، زاد عدد اللاجئين السوريين الراغبين بدخول الأراضي الأردنية عن ستين ألف شخص، معظمهم من الأطفال والنساء والمرضى، يحتشدون في المنطقة «الحرام» على الحدود بين البلدين.

كان الأردن قد اعتمد سياسة تقنين عبور اللاجئين إلى أراضيه بعد أن استقبل نحو مليون ونصف المليون خلال السنوات الخمس الأخيرة. لكن تحت ضغط الظروف الإنسانية، عادت السلطات لاستقبال أعداد أكبر؛ففي الأيام العشرة الأخيرة سمحت السلطات الأردنية لنحو3 آلاف لاجئ سوري بدخول البلاد.

على الحدود مع تركيا، تبدو الصورة قاتمة أيضا؛القصف الوحشي لمدينة حلب وجوارها، دفع بعشرات الآلاف من السوريين إلى الهروب صوب تركيا،لكن لم يكن بمقدور السلطات هناك أن تسمح بدخول هذه الأعداد، دون ترتيبات مسبقة،خاصة وأن تركيا قد استقبلت مايزيد على المليون سوري. ومؤخرا دخلت في مفاوضات عسيرة مع الاتحاد الأوروبي لتنظيم لجوء السوريين عبر أراضيها،وأبرمت صفقة ماتزال يعترض تطبيقها عقبات كثيرة.

ولا تقتصر معاناة دول الجوار مع اللاجئين على هذا المستوى؛ فالأردن على سبيل المثال،يدير حاليا أضخم عملية إغاثة في تاريخ المنطقة،حيث تتولى قوات حرس الحدود الملكي،وأجهزة الحكومة المختصة،توفير طرق آمنة، وخدمات لوجستية لمئات الشاحنات التي تحمل يوميا المساعدات الغذائية والطبية، لنحو 6 ملايين سوري يقطنون محافظات جنوب سورية، بينهم ما لا يقل عن مليوني سوري نزحوا عن مدنهم وبلداتهم، إلى مناطق أكثر آمانا،ولا يملكون ما يسد عوزهم،أو يلبي حاجاتهم الأساسية.

ولولا شريان المساعدات الإنسانية عبر الأردن، لكان هؤلاء قد واجهوا مصيرا أسودا، على غرار ما حصل لمئات الآلاف من السوريين في البلدات والقرى المحاصرة.

لبنان تكاد تغرق باللاجئين السوريين،ويزيد من معاناتها، فوضى السلاح على حدودها، وخضوع بعض مناطقها الحدودية لسيطرة جماعات متطرفة،هذا إلى جانب ورطتها الكبرى،والمتمثلة بدور حزب الله في سورية، وماجر على لبنان من ويلات.

وفي ضوء التوقعات المتشائمة باستمرار الأزمة السورية،وانعدام فرص الحل السياسي، أو الحسم العسكري، سيدفع المزيد من السوريين الثمن،وستتفاقم معاناة دول الجوار مع تزايد أعداد الراغبين باللجوء.

المجتمع الدولي لم يظهر رد الفعل اللازم لمساعدة هذه الدول على تحمل اعباء اللجوء؛فكل مايسعى من أجله الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال، هو أبعاد اللاجئين عن حدوده،وتقليص معدلات الهجرة إلى أدنى مستوى.

في مؤتمر لندن الذي عقد قبل ثلاثة أشهر تعهدت الدول المناحة بتقديم مليارات المساعدات للدول المستضيفة، وإقامة مشاريع اقتصادية وتنموية لتشغيل السوريين.لكن شيئا من ذلك لم يتحقق لغاية الأن. وماتزال دول مثل الأردن وتركيا تكابد وحدها عبء اللجوء.

وفي الوقت ذاته ترفض الدول الكبرى مناقشة خيار إقامة مناطق آمنة داخل الأراضي السورية،لإيواء الهاربين من ويلات الحرب،وتوفير ملاذات آمنة تسمح للاجئين بالعودة إلى بلادهم كخطوة أولى على طريق العودة الدائمة إلى مناطقهم التي هجروها.

إن معاناة دول الجوار لاتقف عند مأساة اللاجئين؛فهناك الخطر المتمثل بالجماعات الإرهابية،التي نفذت أكثر من عملية إرهابية ووحشية في مدن تركيا، وتحاول كل يوم اختراق الحدود الأردنية،إضافة إلى عمليات تهريب المخدرات والسلاح التي لم تتوقف يوما واحدا.

بالرغم من ذلك كله تبقى قضية اللاجئين السوريين، هي أكثر مايؤلم القلب في المشهد السوري،وأكثر ما يؤرق دول الجوار السوري، ويزيد من معاناتها، في وقت لاتلوح بادرة أمل بقرب انفراج الأزمة.

بقلم : فهد الخيطان

copy short url   نسخ
12/05/2016
916