+ A
A -
أنا مواطن قطري جذوري تجدها في أعماق رمال الخليج وعلى كثبان شواطئه، جزء مني في أعماق نجد والجزء الآخر على شواطئ الإمارات وبعض مني في فرجان المحرق القديمة والبعض الآخر في الكويت. أقف اليوم حائرا بين كلي وبعضي، أقف اليوم مصدوما أمام وضع استثنائي يجعل من هويتي الخليجية مثار تساؤل هل أنا منها وهي مني؟ صحيح أننا أنشأنا كيانا خليجيا واحدا في عام 81 ميلاديا تحت مسمى دول مجلس التعاون لم يحقق لنا الكثير إلا أنه بقي ملاذا جامعا يستقوي وقت الأزمة ويتمدد ويرخي رجلية مستلقيا باقي الأيام.
منحني شعوري بالانتماء إلى الخليج قبل المجلس وبعده ملاذا من خوف وطمأنينة نحو المستقبل، شكل لي الخوف من القادمين والمهاجرين قلقا مستمرا وهاجسا دائما إلا أنني كنت مؤمنا دائما أنهم لن يتمكنوا من المس بهيكلية مجتمعاتنا وثقافتها وترابطها، كان نشيد «أنا الخليجي» هو شعاري وترنيمتي المفضلة حيث ذهبت، حمى الخوف من الأجانب والغرباء والمهجرين تكتنف العالم وتسيطر على رجال السياسة والفكر..
«نحن وهم» هو شعار المرحلة اليوم، صعود الشعبوية بشكل لم يسبق له مثيل من قبل جعل من لاحقة «يكست» الشعار الأكثر رواجا اليوم سياسيا. لم تسلم منطقتنا من رياح الشعبوية، أكاد أشعر بها في عناوين صحفنا الخليجية تجاه بلدي قطر بعد مرور أكثر زعماء العالم شعبوية في الحاضر والذي لاتزال آثار شعبويتة تتفاعل في داخل وطنه وهو لايزال في شهوره الأولى من الحكم، علينا أن نعمل على إيجاد توازن لا يخل بأمن منطقتنا ولا يعبث بخيراتها بين الخوف من المهاجرين أو المستوطنين من غير أبناء المنطقة وبين الروح الشعبوية المستعرة التي ترى في الآخر تهديدا لها أو منافسا لزعامتها،
وقفت في إنشطار نفسي شديدا بين حميمية اللقاء بالرئيس ترامب التي وصلت إلى حد التدافع للمس أطرافة وبين قذيفة اتهام قطر الصاروخية التي لم يفصل بينهما سوى ساعات معدودة، وقفت مشدودا كثيرا بين المطالبة بإما أن تكون أخي بحق وإلا «قطريكست» واكشف عن وجهك الحقيقي.
في عز أزمات الأمة لم تصل الأمور إلى مثل هذا الحد حيث كان الإطار العام الجامع والمحدد لها هو العدو المشترك «إسرائيل».
مفهوم الإرهاب العائم هو البديل للعدو الدائم «إسرائيل» من هنا اختلطت الأوراق بين السياسة والدين والهوية، فأصبح سقف علاقات كل دولة هو مصلحة نظامها وبقاؤه وجميع أنظمتنا من مصلحتها بقاء إسرائيل لسقوط البعد العربي وبقاء الهويات الأيديولوجية الصغرى التي أكثر تطايرا وانشقاقا سواء دينيا أو مناطقيا. ما تشهده دول الخليج اليوم هو دول في حدودها الصغرى وفرق وجماعات في حدودها العظمى لذلك الخطر ليس على الهوية بل على الوجود ذاته.
تستطيع أوروبا وأميركا تخطي الشعبوية وآثارها وتمزق الهوية وانشطارها فهي دول مؤسسات لا أفراد، لكن نحن لن نستطيع ان نحقق ذلك لأن الشعوب آخر من يعلم وأول من يستيقظ على مرتزقة وقراصنة الاختراقات الالكترونية المدبرة ليلا.. أو عناوين الصحف المرعبة صباحا.
أين ابتسامة الخليج؟
لم يعد هناك ابتسامة ولم تعد إشراقة الشمس كما كانت أيام الحكمة وزمن الحكماء.
قبلاتهم عربية.. من ذا رأى*** في ما رأى قبلا لها أنياب

بقلم : عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
26/05/2017
3174