+ A
A -
يعيد الرئيس الأميركي باراك أوباما تذكير جميع الأطراف المعنية بحدود المقاربة الأميركية في سوريا؛ لا تدخل بريا لإسقاط الأسد ولا مناطق آمنة. ما لم يفعله أوباما في مستهل ولايته الثانية، لن يفعله في نهايتها.

يزيد هذا الموقف من إحباط المعارضة السورية التي انسحبت من مباحثات جنيف، ولا تنوي العودة مجددا على ما صرح قادتها، بعد أن أمعن نظام الأسد في اختراق الهدنة، لا بل استغلها كغطاء لتحقيق ما عجز عنه قبل اتفاق الهدنة.

لكن هل من خيارات بديلة؟

تصريحات أوباما تلتقي ضمنيا مع موقف موسكو؛ لا بديل عن مفاوضات الحل السياسي في جنيف. وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كان أكثر استفزازا في تصريحاته، عندما بارك انسحاب المعارضة، ودعا إلى مواصلة المفاوضات دونهم!

بمعنى آخر يدعو لافروف إلى أن يفاوض النظام نفسه، ويضع خطة للحل مستغلا الغطاء الدولي واتفاق الهدنة أيضا.

رغم ذلك تقر الأطراف جميعها بالمأزق، انسحاب وفد المعارضة، مع تنامي الخروقات العسكرية في الميدان يعني أن الهدنة في طريقها للانهيار.

الهدنة المكسب الوحيد في سوريا واستمرارها بات هدف الجميع في الداخل والخارج، العودة للمربع الأول سيدفع بالروس إلى العودة وبقوة إلى جبهات القتال وهو أمر لا ترغب فيه موسكو، ويعطي تنظيم داعش الإرهابي فرصة التقاط الأنفاس، وعلى المدى المتوسط سيواجه النظام خطر فقدان ما حققه من مكاسب ميدانية بفضل الدعم الروسي.

«سوريا ستتمزق بسرعة» إذا ما انهارت الهدنة، على حد قول أوباما.

ديمستورا يشعر بالقلق حيال التدهور غير المحسوب لجولة المفاوضات الأخيرة في جنيف، ولتفادي مزيد من الانهيار تتواصل الجهود الدبلوماسية لعقد اجتماع لوزراء خارجية «أصدقاء سوريا» في وقت قريب، وإجراء مشاورات عاجلة ومكثفة مع الجانب الروسي، ليقوم بواجبه مع حليفه النظام السوري، في مسعى لاحتواء التدهور، وإعادة عجلة المفاوضات من جديد.

المعارضة المحبطة من مفاوضات جنيف والخروقات الميدانية للنظام، لا تملك بديلا سوى التصعيد الميداني.

وفي هذا السياق يمكن قراءة التسريبات الصحفية عن «تسليح نوعي» للمجموعات المسلحة، لتغيير ميزان القوى على الأرض، ودفع النظام السوري للتراجع عن مواقفه المتعنتة، لكن هذا الخيار جرى اختباره سابقا، ولم يحقق الكثير من الفرق في الميدان، خاصة بعد التدخل العسكري الروسي، واستعداد موسكو للعودة بقدراتها العسكرية إلى ما كانت عليه قبل الانسحاب.

واشنطن ليس في واردها ضخ المزيد من الأسلحة لسوريا، وتركيا تراجعت عمليا عن خططها السابقة، بعد أن تبدلت أولوياتها في سوريا، وبروز خطر الجماعات الإرهابية داخليا.

خيار الحسم العسكري بالنسبة للطرفين؛ النظام والمعارضة، أصبح معدوما، وغير وارد لحلفاء الخصمين، روسيا دعمت النظام لاستعادة توازنه ليتمكن من دخول المفاوضات في وضع جيد. واشنطن والرياض عملتا معا رغم الخلافات، لجلب المعارضة بالقوة إلى طاولة المفاوضات، وليس في نيتهما العودة عن هذا السبيل.

وفي أوساط الدبلوماسيين الغربيين يسود الانطباع بأن القوى الدولية النافذة لا تزال قادرة على فرض خياراتها على الطرفين، وستعود بهما إلى جنيف بعد أسابيع قليلة، وقبل ذلك ستضغط بقوة لاستمرار الهدنة، مع القليل من الخروقات المتبادلة.

لكن المعارضة في المقابل غير مستعدة للعودة إلى طاولة المفاوضات دون تعهد جدي بلجم النظام السوري، ووقف عملياته العسكرية ضد المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.

وبغير ذلك فإن المفاوضات من عدمها سيان.

بقلم : فهد الخيطان

copy short url   نسخ
29/04/2016
900