+ A
A -
كان لدينا شجرة لبلاب صغيرة لا أذكر من زرعها ولا كيف بدأت تلفت انتباهنا بنموها السريع وورودها المشعة والمبهجة والتي تجبرك على النظر اليها في الذهاب والاياب،كانت اوراقها الخضراء تتمطى تحت أشعة الشمس الحارقة وتتمدد يوما بعد يوم،لا المطر ولا الرياح ولا الغبار ولا تقلبات الطبيعة أوقفت نشاطها.. كانت تواصل نموها بزهووصلف،وفي سنوات قليلة غطت أغصانها الجدار بأكمله وابتلعت بقية الاشجار التي حرصنا على غرسها الليمون- الجوافة-وغيرها والتي لم نعد نذكرها حتى،وفي الوقت الذي كانت شجرة اللبلاب تنمو وتتكاثر كانت النخلتان اللتان غرسهما زوجي بحب تواصلان الصعود إلى السماء بهدوء،غير عابئتين بما يحدث من حولهما من تدمير وسطو على المساحات المحيطة بهما،وان فقدتا اهتمامنا أمام الحضور الطاغي لشجرة اللبلاب العملاقة،ثم بدأنا نلاحظ ظهور تصدعات وشقوق على الجدران، وامتد الاذى لارضية الحوش المبلطة،إذ أخذت البلاطات الصلبة تنتفخ وترتفع عن سطح الارض واحدة بعد الاخرى قبل ان تتفتت وتتحول لتراب،استنجدنا بعامل لترميم الدمار،هز كتفه وصارحنا:«لافائدة..حتى لو فعلت،سيتكرر الأمر» كانت شجرتنا التي نتفاخر بها تعبث بنا دون ان نفطن لذلك،كانت تخدرنا بورودها وخضرتها ونعومتها علنا،وفي الخفاء كانت عروقها الضخمة تمتد تحت الارض بقوة مخيفة،ظاهريا كان يمكن اقتلاعها،لكن الوصول إلى جذورها التي وصلت إلى حدود مسكننا الآمن كان صعبا.
هناك بشر لا يقلون خبثا ودناءة عن تلك الشجرة الناعمة، يتسللون امامك ومن حولك ومن خلفك،يصلون لنهاية الخط في قفزات سريعة، ويتركونك للدهشة في منتصف الطريق الذي قطعته بجهد وتعب ومثابرة،وتظل أحيانا عالقا في مكانك....ما هي مؤهلاتهم؟ كيف وصلوا قبلك؟ ماالذي يميزهم؟ لم أعد أطرح هذه الاسئلة......شجرتنا تكرمت علي بجواب عملي،ولا أتصور أن هناك مهزلة تفوق ما حدث معي شخصيا،لقد سعيت من أجل سيدة مطلقة وليس لديها خبرة أو شهادة عالية أو او.وعلى القارئ الذكي ان يملأ الفراغات...بعد سنوات قليلة تخطتني... لقد وصلت إلى أعلى درجات السلم الوظيفي...لم أكن أعرف انها من فصيلة اللبلاب. في وقت سابق كنت أستسلم للغضب ونوبات الضيق لشعوري بالظلم، سواء كان الأمر متعلقا بي أو بغيري، لا يجب أن يتساوى من يعمل بيديه وعقله وفكره وكل طاقاته مع من يعمل بلسانه،ليس سهلا أن تعتاد وتتقبل الأشخاص اللبلابين أو المتسلقين والذين يصلون بخبثهم لا كفاءتهم لأعلى المناصب،ليس سهلا أن تتظاهر بالطيبة وتدعوا لهم بالتوفيق أو بالتجاهل وكأن ما حدث ويحدث لا يعنيك.. ومع ذلك هذا ما حدث.
بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
24/05/2017
2012