+ A
A -
أول الغيث؟ فيما كانت الأنظار مسلطة على القمة العربية- الإسلامية- الأميركية، التي عقدت (الأحد)، استبقت السعودية وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المملكة وأعلنت تصنيف رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» هاشم صفي الدين إرهابياً وفرضت عقوبات عليه، تماماً كما فعلت الولايات المتحدة.
وقد تبدو الخطوة للوهلة الأولى غير مفاجئة ضمن سياق التوتر القائم بين الطرفين والحملات التي يشنها «حزب الله» منذ فترة على السعودية، غير أن هذا التصعيد اللافت يحمل أكثر من دلالة ورسالة..
أولاً: لأن صفي الدين ليس قيادياً في الحزب فقط، وإنما هو رجل دين مُعمّم ونسيب أمين عام الحزب حسن نصرالله (ابن خالته) والمقرب جداً منه.
ثانياً: أن القرار صدر بالتزامن بين الرياض وواشنطن.
ثالثاً: أن القصد هو إيصال رسالة قوية ومزدوجة إلى نصرالله بالذات عن طبيعة الآتي من الأيام، وعبره إلى إيران وبشار الأسد بأن الضغط العسكري والحصار المالي سيشتدان بكل الوسائل.
وزير الخارجية السعودي عادل الجبير وزميله الأميركي ريكس تيلرسون قدما «إيضاحات» إضافية حول الرسالة في المؤتمر الصحفي المشترك؛ فقد قال الجبير إن إيران خلقت أكبر وأخطر منظمة إرهابية هي «حزب الله»، وتيلرسون أكد أن واشنطن «تعتزم تكثيف جهودها لمواجهة النفوذ الإيراني الخبيث في سوريا والعراق واليمن...».
رابعاً: في حين بدأت تظهر النتائج الأولية للضغط العسكري في سوريا مع إعلان «حزب الله» عن تفكيك قواعده العسكرية على الحدود الشرقية مع سوريا، تستعد الإدارة الأميركية لفرض عقوبات مالية ومصرفية جديدة على لبنان، وعلى كل من يدعم أو يتعامل أو له علاقة بـ «حزب الله» بهدف تجفيف مصادر تمويله.
والرسالة هنا موجهة أيضاً للدولة اللبنانية وللطبقة السياسية، التي يسعى بعضها جاهداً للالتفاف على هذه العقوبات، ولكن يبدو أن كل المحاولات التي قامت بها وفود رسمية وبرلمانية ومصرفية إلى واشنطن في الأسابيع الأخيرة لحثها على العدول عن الإجراءات التي تنوي اتخاذها أو التخفيف منها على الأقل باءت بالفشل. وقد بات مطار بيروت الدولي تحت الرقابة (الأميركية) الشديدة للتدقيق بكل قرش يدخل في أي حقيبة، إذ أن المال الإيراني إلى «حزب الله» منذ ما بعد حرب 2006 يدخل معظمه نقداً وليس عبر تحويلات مصرفية، وقد تم خلال قمة الرياض التوقيع على مذكرة تفاهم لمراقبة مصادر تمويل الإرهاب.
خامساً: الحصار المالي سبقه ورافقه ضغط سياسي، وتمثل لبنان برئيس الحكومة سعد الحريري، وجاء تصنيف صفي الدين إرهابياً ليزيد البلبلة ويكثر من التكهنات. هذا، في وقت يحاول «حزب الله» التحسب لما هو قادم (سورياً وإقليمياً) عبر السعي لفرض قانون انتخابي جديد يأتي بـ «أكثرية صديقة» تؤمن له نوعاً من الحماية الداخلية، فيما حليفه رئيس «التيار العوني» ووزير الخارجية جبران باسيل يبحث عن قانون يكرسه كزعيم مسيحي عبر رفعه شعاراً تعبوياً وشعبوياً عنوانه «افتئات المسلمين على حقوق المسيحيين».
إن هذه وغيرها من الأسباب ستزيد من تعقيد المشهد الإقليمي، وستزيد بالأخص من شرذمة الواقع السياسي اللبناني والشلل المؤسساتي وانسداد الأفق في ظل تربص القوى كل واحدة منها للأخرى!
بقلم: سعد كيوان
copy short url   نسخ
23/05/2017
2673