+ A
A -
التعليم، أساس السلام ذلك المجهول.
تلك جملة مفيدة جدا، كانت في عقل ووجدان وضمير صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، وهي تُطلق تحذيرا صارخا: أيهذا العالم لا سلام ولا تنمية مستدامة شاملة، دون حماية التعليم في المناطق المأزومة بالحروب والكوارث.
«العدالة الكونية قد فقدت بصيرتها»..
أتخيلها - صاحبة السمو- وهي تلقى جملتها تلك. كانت تجسّدُ بصوتها- في تلك اللحظة-صوت كل المحرومين في العالم، من نعمة وأمان التعليم.. ونعمة وأمان العدالة، بكل تسمياتها المختلفة.
... واتخيل الحضور العالمي، في معهد لاهاي للعدالة الدولية، لا يطاطئ أعينه فقط، وإنما يأكله ضميره أكلا، وصوت المحرومين من التعليم والعدالة، يصرخ في القاعة التليدة، يملأها ترجّيا، ويصرخُ في كل برية هذا العالم، ويستصرخُ بالضرورة..
التعليم والعدالة، ضلعان أساسيان، في مثلث السلام العالمي، والضلع الثالث لهو- دون أدنى شك- التنمية المتوازنة والشاملة: تنمية الإنسان في المقام الاول، وتنمية الموارد.. وبهذه التنمية المزدوجة، يمكن محاربة الفقر، والبطالة، والغلو والتشدد والتطرف، والمرض، والأمية، والجهل، والنقص في التعليم، وانعدامه في مناطق الرصاص والفرار.. وكل أولئك، معا، أعدى أعداء السلام، في كل زمان ومكان.
ماذا يمكن لهذا العالم، أن يترجى من مستقبل السلام، في أي دولة، ومستقبل هذه الدولة- متمثلا في أجيالها- مظلم تماما بالجهل، بسبب انعدام التعليم، أو النقص فيه.
الرصاص الذي يعوي- يصيب ويدوش- لو كان من لحم وعظم وأعصاب ودم، لأطلقت عليه الرصاص، وسيّلتُ دمه، قبل أن يُسيّل دم رغبة طفل واحد، في أن يدخل الصف، ويفتح كراسته، ويفك أسرار الحرف.. وفي رنين أجراس المدارس، وفتح الكراسات، وفكفكة أسرار الحروف، فتح لكل أبواب السلام في النفس الإنسانية.. وفتح لكل أبواب الطمأنينة والأمان.
كم عدد الأطفال المحرومين من التعليم، في المناطق المأزومة.. الوعرة.
كم عددهم- أولئك المحرومون- بسبب الهجرة القاسية، التي يتربّصُ بها الموت اللئيم في اليابسة، وفي أعالى البحار.
العالم- برغم كل آلاته الحاسبة- يعجز عن الحساب!
العدد مهول. وهو في جملة واحدة، يحكى بكل الحسرة عن خيبة هذا العالم، في النهوض بمسؤولياته.. وليست هنالك من مسؤوليات أعظم، من مجابهة سدوف الظلام في العقول، ومجابهة الظلم.. الظلم ذلك الذي هو أيضا ظلمات.
«العدالة الكونية قد فقدت بصيرتها»..
تلك جُملة الشيخة موزا..
وليس مطلوبا من المجتمع الدولي، أن يطاطئ عينيه، أمام أي جملة حق، حتى وإن كانت صادمة.. وإن كانت تدينه..
ماهو مطلوب منه، أن يفتح عينيه-بأوسع مايكون- على الحقيقة.. والحقيقة أن نُخضع هذا المجتمع الدولي، كله، للمساءلة، والحساب.
عدم النهوض بالواجبات، ليس قبحا فقط. إنه نوع من الجريمة!

بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
23/05/2017
1150