+ A
A -
يتوجه حوالي 55 مليون ناخب إيراني لانتخاب الرئيس الإيراني الثامن في تاريخ الجمهورية الإسلامية وذلك يوم 19 من مايو، انتخابات يتنافس فيها ستة مرشحين من أصل حوالي 1600 ممن وضعوا أوراق ترشيحهم في وزارة الداخلية. تجرى الانتخابات بعد حملة انتخابية لم تخل من منافسة شديدة وانتقادات جارحة بل وتبادل اتهامات. لعب الإعلام الرسمي في الترويج للمرشحين عبر ثلاث مناظرات انتخابية عرض فيها كل من المرشحين الستة حسن روحاني وإبراهيم رئيسي ومحمد باقر قاليباف وإسحاق جهانكير ومصطفى مير سليم ومصطفى هاشمي طبا. تناولت كل مناظرة موضوعا محدداً تناول فيه المرشحون مواقفهم وبعضا مما يعتقدون أنها سياسات يمكن أن تساعد سواء في المجال الثقافي والاقتصادي والسياسي. اللافت للانتباه أن العوامل الاقتصادية كانت الحاضر في المناظرات الثلاث عبر أوجه عدة، الأمر الذي يؤكد على أن الاوضاع الاقتصادية هي عامل قلق في إيران سواء للنظام أو للمواطن العادي. وقد الحملة الانتخابية على سبيل المثال أن عدد سكان العشوائيات في إيران في تزايد وقد وصل إلى حوالي 18 مليون، الأمر الذي يعكس ترديا كبيرا في الوضع الاقتصادي ومقدار الخدمات التي تقدمها الدولة في الجانب الاسكاني لحوالي 20 % من الإيرانيين.
تبدو الانتخابات أقرب لأن تكون استفتاء على شرعية النظام وحضوره وتماسكه، لذا- قد لا يكون- من حيث المبدأ مهما من سينجح على الأقل بالنسبة للمؤسسة السياسية. لكن هذا لا ينفي أن ثمة تنافساً على الأقل بين المرشحين لإثبات أهليتهم في المنصب. لقد عكست الحملة الانتخابية انقساماً حاداً داخل المرشحين رغم أنهم جميعاً أبناء المؤسسة السياسية الرسمية أو أبناء النظام السياسي، كما أنها وضعت أسئلة حول مدى كفاءتهم في المناصب السابقة وإذا ما كانت تلك الكفايات تؤهلهم للفوز في الانتخابات الرئاسية الثانية عشرة. خلال المناظرات الانتخابية كانت البرامج الانتخابية هي الغائب عن الجدل الانتخابي، وتحولت المناظرات إلى إبراز عيوب العمل السياسي في ظل الجمهورية الإسلامية، فالحديث عن الفساد واستغلال الوظيفة العامة كان محوراً بارزاً، الأمر الذي طرح أسئلة حول القيم التي من المفترض أن تروج لها المؤسسة السياسية في الجمهورية الإسلامية.
خلال المناظرات الانتخابية والحملة الانتخابية بشكل عام كان الرئيس المنتهية ولايته هدفاً سهلاً للانتقادات القاسية بل واتهامه بالفساد. بالطبع يمكن أن يفهم ذلك في ظل الممارسة الديمقراطية، لكن اللافت أن تلك الانتقادات لم تأخذ بعين الاعتبار أن الرئيس جزء من مفردات النظام، وأن النظام الاقتصادي والسياسي له مسيرات أخرى ربما لا يمكن للرئيس أن يؤثر فيها، من هنا فإن الانتقادات للأداء الاقتصادي أو السياسي تتعلق بالمنظومة السياسية وطريقة عملها، فمهما كان الرئيس قوياً فإنه لا يستطيع أن يقلل من تأثير المنظومة السياسية بلاعبيها المختلفين.
لم يكن أداء الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني كما يريد مؤيدوه، ففي المناظرة الثالثة والتي كان الاقتصاد محورها، تحول روحاني إلى الهجوم والانتقاد الشخصي بدل الدفاع أو تقديم برامج جديدة. مثل هذا الأمر ربما يؤثر في قرار الناخب، لكن قطاعاً عريضاً من الشباب أيضا سيقارن بين روحاني وبقية المرشحين من حيث العمل في المجال العام ومدى مصداقيته وربما يكون الكاسب من وراء تلك المقارنة، لكن الأمر لا ينتهي عند هذا الحد، إذ أن روحاني انتقد بشدة المؤسسة الأمنية والحرس الثوري، وهو أمر ربما لن يمر إذا ما علمنا أن هناك قوة تصويتيه لكذا المكون من المجتمع الإيراني، فكيف سيتم توجيهه سيكون له دور في زيادة فرص نجاح مرشح بعينه.
بفوز الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يعتبر الاتفاق النووي «الاتفاق الأسوأ» خسر حسن روحاني فرصة للاستفادة أكثر من الاتفاق النووي وتحسين الوضع الاقتصادي في إيران الأمر الذي جعله عرضة للانتقادات، فهل يكون ما اعتبره روحاني إنجازاً لرئاسته الأولى سبباً في خسارته للرئاسة الثانية؟.

بقلم : محجوب الزويري
copy short url   نسخ
17/05/2017
2784