+ A
A -
لا يبعث فشل اليمين الفرنسي في الوصول إلى الاليزيه على اطمئنان، فلا يقطع هذا الاخفاق الانتخابي الواضح لماري لوبان ان اليمين الاوروبي قد بدأ يلملم احلامه، ويعود مجددا إلى ثكناته السياسية، ولكن جرت العادة في مواريث التيارات السياسية التي لا تجد لها موطئ قدم ظاهرة بين النخب السياسية ان تلجأ هذه التيارات إلى العمل تحت سطح الحياة السياسية، فما تعذر تحقيقه بصناديق الاقتراع تحتشد مساع لانجازه بطرق أخرى متواربة، وهنا يلفتنا اكتشاف خلية نازية داخل الجيش الألماني لاستهداف معسكرات اللاجئين، وقيل أن أحد عناصر الخلية تظاهر بأنه لاجئ في ألمانيا، وحصل على وثائق اللجوء قبل تنفيذ عمل إرهابي يلفقه للمهاجرين، فاعتقلت الشرطة الألمانية خمسة من رفاق العسكري المذكور، وعثرت لديهم على منشورات وصور تمجد النازية وجيش هتلر، كانت بحوزتهم في الثكنة التي خدموا فيها في شمال شرق فرنسا.
النازية، إذا، لم تقبر، ولم تعد تاريخا مطمورا ومطموسا، بل هناك مهووسون به ينتشلوه من رقاده الطويل، مما دعا وزيرة الدفاع الالمانية إلى الغاء زيارتها المزمعة للولايات المتحدة، ومما دعا المفتش العام للجيش الألماني، ايضا، إلى تفتيش جميع ثكنات الجيش بعد أن اكتشف محققون تذكارات تعود إلى فترة الحكم النازي في إحدى الثكنات، مما يؤكد ان الوقائع المكتشفة ليست خفيفة يمكن غض الطرف عنها، بل انه يمكن القول ان الفشل السياسي لليمين الفرنسي في الانتخابات الرئاسية لا يحبط اليمين الاوروبي من التحرك على صعد اخرى بالغة الخطورة، لا تقتصر على اشتداد الدعوة إلى الغاء العولمة، وتقويض الاتحاد الاوروبي، وتحويل «البريكست» البريطاني إلى عدوى سياسية أو وباء يجتاح اوروبا، وطرد اللاجئين، ولهذا فإن اوروبا حبلى بأحداث، وربما بمفاجآت لم تكن بحسبان أحد.

بقلم : حبشي رشدي
copy short url   نسخ
15/05/2017
1393