+ A
A -
خلال الحرب الأهلية التي عصفت بلبنان (1975-1989) عرفت العائلات اللبنانية مآسي كثيرة، ومرّت بمحن كثيرة. من بينها عائلة قهوجي في بلدة مرجعيون في جنوب لبنان.
تروي حنان ابنة هذه العائلة كيف كانت محرومة حتى من رغيف الخبز «بسبب سيطرة المسلمين على المدينة».. وكيف كان أهلها يزحفون عبر الظلام للوصول إلى بئر قريبة من المنزل من أجل الحصول على الماء.
ولكن عندما احتلّ الإسرائيليون جنوب لبنان في عام 1982 انفرجت مأساتهم.. إلى ان تحرر الجنوب من الاحتلال في عام 2000. فغادرت العائلة مع القوات المنسحبة إلى إسرائيل. ومن هناك هاجرت إلى الولايات المتحدة. اليوم أصبح لحنان قهوجي اسم جديد هو بريجيب غبريال. واصبح لها مهمة جديدة هي العداء للإسلام. وقد انشأت منظمة باسم «العمل من أجل أميركا». مهمة هذه المنظمة التي تضم حسب ادعائها أكثر من 300 ألف عضو، التنبيه مما تسميه خطر الإسلام على المجتمع الأميركي. وتروّج هذه المنظمة لمقولة ان المسلمين متطرفون، وان الأعمال الإرهابية التي يمارسونها تتماهى مع الإسلام، وهي ترجمة لتعاليمه. وأن كل مسلم هو إرهابي بالتكوين. وان المسلمين يعبدون إلهاً غير الإله الذي يعبده المسيحيون، ولذلك فإنهم يشكلون خطراً على المسيحية، وعلى اميركا، وعلى العالم. وتصفهم بأنهم وباء– طاعون- يجب العمل على إنقاذ أميركا منهم!
انضمت بريجيب –حنان سابقاً- إلى فريق عمل ستيفن بانون الذي عيّنه الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب مستشاره الأول للشؤون الاستراتيجية إلى جانب عضويته في مجلس الأمن القومي الأميركي. وهذا يعني ان بانون هو العقل المنفصل لترامب.. وان بريجيب غبريال هي العقل المنفصل لبانون!
عمل بانون قبل أن يتبوأ منصبه الجديد في البيت الأبيض، منتجاً لفيلم سينمائي قصير عنوانه «الشيطان الكبير». وكان يقصد بالشيطان، الإسلام. ويروي سيناريو الفيلم كيف يمكن استئصال الإسلام– الذي وصفه بأنه دين فاشي- من أميركا، لما يشكله من خطر على المجتمع.
ويصوّر سيناريو الفيلم عَلَماً يرمز إلى الإسلام عليه صورة الهلال والنجمة مرفوعاً فوق كل من الكونغرس والبيت الأبيض، مع مكبرات للصوت تصدح بشعار «الله أكبر». أما اسم الولايات المتحدة الأميركية فإنه يتغير ليصبح الولايات المتحدة الإسلامية؟!.. وذلك لإثارة العداء ضد الإسلام وتخويف الرأي العام منه.
ولكن من حسن الحظ ان هذا الفيلم لم يجد طريقه إلى النور، وتوقف إنتاجه لخلافات شخصية ومالية بين أصحاب المشروع.
يؤمن بانون بالثقافة اليهودية – المسيحية، وبأن لهذه الثقافة الدينية عدواً أساسياً هو الإسلام. وهو إيمان تشاركه فيه بريجيت. ويؤمن بأن هجرة المسلمين إلى أوروبة أدت إلى تخريب أوروبة، والى إضعاف الثقافة اليهودية– المسيحية فيها. وهو يخشى ان يفعل المسلمون ذلك أيضاً في الولايات المتحدة. ويحثّ على العمل من أجل التخلص منهم. ولذلك ليس غريباً أن يصدِر الرئيس ترامب قراره الرئاسي الأول، ثم الثاني، بمنع دخول مواطنين من ست دول إلى الولايات المتحدة، لا لسبب إلا لأن مواطني هذه الدول هم في أكثريتهم الساحقة من المسلمين. لقد أدت النشاطات الإعلامية والثقافية والسياسية المعادية للإسلام، والتي تقوم بها حركات مثل الحركة التي أنشأتها بريجيت غبريال إلى زيادة حجم الكراهية ضد المسلمين.
فالإحصاءات التي أجرتها مؤسسات مختصة في الولايات المتحدة تقول إن مشاعر رفض المسلمين في المجتمع الأميركي ارتفعت من 26 إلى 46 % بعد فوز الرئيس ترامب بالرئاسة وخلال حملته الانتخابية. وأن جرائم الكراهية التي تستهدف المسلمين في الولايات المتحدة ارتفعت أيضاً بنسبة 78 % خلال العام 2015.
وتتمثل هذه الجرائم في استهداف المساجد، وحتى المقابر.. اضافة إلى التمييز العنصري ضد المواطن الأميركي المسلم على خلفية دينية. وهذه الظاهرة التي لم يكن يعرفها المجتمع الأميركي من قبل حتى في الولايات الجنوبية (الشريط الانجيلي كما يسمى)، انفجرت فجأة خلال الحملة الانتخابية للرئيس ترامب وما رافقها من شعارات عنصرية.
بقلم : محمد السماك
copy short url   نسخ
04/05/2017
2723