+ A
A -
وعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لدى أدائه اليمين الدستورية في 20 يناير الماضي بجعل «أميركا أولا» أساس سياسته، وأصبح من الواضح اليوم وبعد انقضاء 100 يوم من فترة رئاسته أنه فشل في تحقيق الأهداف التي وضعها لنفسه.
ولعل نجاحه الوحيد يكمن في القدرة على جذب الاهتمام وحصد أرقام قياسية من التعليقات الساخرة، وأن يصير مادة للتندر، ومحط إعجاب الباحثين عن الفريد والغريب والعجيب.
لم يمر يوم واحد من ولايته من دون أن يتخذ قرارا.. لكن النتائج مخيبة. لم ينجح في إلغاء مشروع الرعاية الصحية «أوباما كير» الذي أطلقه سلفه باراك أوباما على رغم أنه يمتلك غالبية في مجلسي الكونغرس، كما فشل في منع الأشخاص القادمين بشكل رئيسي من سبع دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة حيث أوقفت المحاكم قراره. أما في ما يتعلق بإنشاء سور على الحدود مع المكسيك فإن حزبه الجمهوري يطرح تساؤلات. كما تراجع عن اتهام الصين بأنها تتلاعب بالعملة.
ولم يتحقق شيء محسوس من برنامج البنية التحتية الذي وعد به، كما أن المعالم الرئيسية للإصلاح الضريبي لترامب لم تتضح بعد. ولا يزال السفير الأميركي في إسرائيل يقيم في تل أبيب وليس في القدس حسبما وعد ترامب.
وعلى نسق عروض السيرك المبهرة التي تحبس الأنفاس، قذف ترامب تهديداته، كطلق الرشاش، ضد إيران وكوريا الشمالية، وداعش، والسعودية، وروسيا وسوريا والمسلمين، واللاتينيين، والمكسيك، وضد كل من يرى فيه عدوا حتى لو كان مدرجا في قائمة الأصدقاء التقليديين للولايات المتحدة. بل لم يسلم من لسانه حلف شمال الأطلسي، وزعماء الغرب. ولم يتوان عن إطلاق نعوت، ما كان العالم يتصور أن زعيما لدولة عظمى يتفوه بها، ولو في الكوابيس.
ولم تظهر مرجلته إلا على مطار الشعيرات السوري، الذي انهال عليه بتسعة وخمسين توماهوك. هجوم كلف البنتاغون زهاء المائة مليون دولار، ونتائجه على الأرض، وصفت بأنها مضحكة. أما الرسالة السياسية للعملية التي يعتقد أنها موجهة لروسيا، فقد نقعها الكرملين وشرب ماءها!
ولم ينزعج أنصاره من تصرفاته، بل وجدوها ممتعة، أما الخصوم فقد كانوا ينتظرون زلاته، لتثبيت مقولة إنه لا يصلح لقيادة الأمة، وأن وصوله إلى سدة الحكم، وصمة عار لأميركا.
في السياسة الخارجية ينفذ سياسة محلية. وفي السياسة المحلية يهين من يعارضه. والتقارير الإعلامية التي لا تروق له وإدارته توصف بأنها أخبار وهمية، عشرات الآلاف الذين يتظاهرون ضده أسبوعيا تقريبا يعتبرهم ترامب واهمين أججتهم وسائل الإعلام اليسارية التي يصفها بأنها عدو للشعب.
خلال حملته الانتخابية، كان ترامب يتفاخر بأن المهارات التي يكتسبها كرجل أعمال ناجح وبارع في عقد الصفقات ستجعل منه رئيسا عظيما، بيد أنه بعد ثلاثة أشهر له من تولي الحكم تفطن إلى أن حكم البلاد أصعب بكثير مما كان يظن. وهكذا تدنت شعبيته في استطلاعات للرأي إلى أسوأ مستوى حصل عليه رئيس أميركي سابق خلال أول 100 يوم من رئاسته حيث أكدت معظم استطلاعات الرأي أن نحو 40 في المائة فقط من الأميركيين راضون عن أدائه، وهو أمر كارثي.
لكن يحسب له أنه في مائة يوم، تفوق على كل سياسيي العالم بالسلوى والطرائف، والفيديوهات المسلية، والصور المثيرة، تكحلها طلات السيدة الأولى، ميلانيا، والابنة إيفانكا، والإشارات والإيماءات والحركات التي غدت مادة دسمة لخبراء لغة الجسد والصحف الصفراء.
بقلم : أمين قمورية
copy short url   نسخ
03/05/2017
2631