+ A
A -
قبل أن يلفظ القرن الماضي أنفاسه أصدر ميتشيو كاكو (أحد علماء الفيزياء البارزين وواحد من مؤسسي نظرية الأوتار الفائقة في الفيزياء والحائز على جائزة نوبل) كتابه «رؤى مستقبلية» بهدف فتح عيون العالم على الاحتمالات الهائلة للعلم في المستقبل وإطلاعه على ما يجري حينها في المختبرات ومراكز البحوث العلمية العديدة المنتشرة في العالم، حيث تمكن من مقابلة أكثر من مائة وخمسين عالماً على مدى عشر سنوات واستقرأ بناء على آرائهم وتجاوبهم وبحوثهم الاتجاهات التي سيسير عليها العلم في القرن الواحد والعشرين، كما جاء في التعريف بالكتاب.
في أحد فصول الكتاب الذي ترجمته إلى العربية سلسلة «عالم المعرفة» يتحدث المؤلف عن العالم الفيزيائي «نيل جرشنفيلد» الذي اشتهر بترديده مقولة «توقع رؤية يوم يمكن فيه لمعظم الأشياء غير الحية حولنا أن تفكر»، عنه يقول إنه اكتشف طريقة جديدة تماما للإحساس بوجودنا، «.... فالفضاء حول أجسامنا مشحون بحقل كهربائي غير مرئي مثل شبكة العنكبوت يتولد عن الإلكترونات التي تتراكم على جلدنا مثل الكهرباء الساكنة.. وعندما تتحرك أجسامنا تتحرك هذه الهالة من المجال الكهربائي معها» وأنه «لو كان لدينا جهاز استشعار يكتشف الفضاء حول أجسامنا فيمكن استخدامها لرصد أذرعنا وأصابعنا».
يضيف المؤلف إن جرشنفيلد اتجه نحو أجهزة القرن الحادي والعشرين باستراتيجية قوامها سؤال نفسه «أين أستطيع أن أجد مجالاً لم يستخدم.. وكيف يمكن أن أجعله حيا؟». عن السؤال أجاب بمثال فقال «إن أحد المجالات التي أهملت لسنوات هي الأحذية التي نلبسها، والتي تمثل مجالا ثمينا للعمل غير مستخدم وينتظر من يجعل له استخداما ذكيا». بناء على هذه الفكرة قال «يمكن لأحذيتنا أن تقوم في المستقبل مقام بطاريات الكمبيوتر، التي يمكن أن نحتاج إليها، فحمل بطاريات ثقيلة كلما أردنا إعطاء طاقة للكمبيوتر الموجود في حزمة ربطة العنق سيكون أمراً مزعجاً، ولكن جسم الإنسان يولد حوالي 80 واط من الطاقة المستخدمة في حركته، ويمكن سحب واط من هذه الطاقة بسهولة من حركة الحذاء وحده».
عن جرشنفيلد وهذه الفكرة التي تعتبر بداية فتح علمي جديد قال كاكو أيضا إنه عثر على استخدام آخر للحذاء الذي نلبسه «... فمن الممكن، في المستقبل، وضع إلكترود في الحذاء يمكنه نقل معلومات شخصية إلى الآخرين، وبدلا من تبادل بطاقات العمل، فكل ما على المرء أن يفعله، هو أن يصافح يد شخص آخر، ولأن الجلد مالح وناقل للكهرباء فمن الممكن لسيرة ذاتية أن تنتقل كهربائيا من الحذاء إلى الأيدي، ومن ثم إلى يدي الشخص المتعرف عليه، ومن ثم إلى حذائه... وقد يثبت هذا في نهاية المطاف جدواه كطريقة ملائمة لتبادل سجلات إلكترونية ضخمة مع شخص آخر في الشارع».
ربما يصعب على البعض استيعاب الفكرة اليوم لكن التجارب في هذا الحقل مستمرة، وعقل الإنسان قابل أن يحيل الكثير من الأحلام والتنبؤات إلى حقيقة واقعة.

بقلم : فريد أحمد حسن
copy short url   نسخ
02/05/2017
2652