+ A
A -
الروحُ من أمر ربي، وربكم.
هاهنا، يقف العلمُ حائرا، حيرتنا نحنُ، إذ نرى روح من نحب، قد بلغت الحلقوم، ونحن ننظرُ.. ننظرُ في فشل، والأسى يستبدُّ بنا وكل الأحزان، إذ هي في النزعُ ونحن عن إرجاعها، لعاجزون!
يقفز السؤال: نعم لو نستطيع لأرجعناها إلى الجسد، ولكن في أي مكان منه؟
هل مكانها جوار القلب، أم في القلب.. أم في مكان ما في الصدر، أم في الدماغ؟
لا من أحد، يدرى. وليس هنالك من أحد سيدرى، في يوم ما، والروح ليست من أمرنا- هذا إذا ما كان لنا أصلا أمرُ- وإنما هي من أمر مالك الأرواح، جميعا.
العلم- هذا الذي له فتوحات علمية عظيمة في الجسد- ستطول حيرته، أمام الروح: كيف تروح، وهُم هكذا برغم خيلاء العلم وفتوحاته، في خيبة الجهل التام، عن اكتشاف وقت رحيلها.. في خيبة الجهل عن كيفية إرجاعها، إذ هي قاب حشرجتين أو أدنى، من..... الطلوع!
بلى.. للعلم جهل، أحيانا.. ذلك باختصار لأن فوق كل ذي علم، عليم.. ونهايات العلم، ليست من نصيب البشر، وإنما هي لربهم.. العلام، العليم.
«العجزُ، عن الإدراك إدراك»، كما يقول العارفون.. والمعنى: حين تعجز، تدرك أنك عاجز.. والمعنى يشفُّ.. ويشفُّ، ليحلق بك في النهاية إلى معرفة جهلك أمام العالم. معرفة ضعفك أمام القوى. معرفة صغرك أمام الكبير. معرفة ذاتك الدنيا أمام الذات العليا.
... وكما أن العجز عن الإدراك، إدراك، هو حظُ العارفين، فهو أيضا من حظ العلماء، أولئك الذي يدركون تماما، أن للعلم مرحلة لن يتخطاها، لأن مابعدها أسرار، من أسرار الألوهية.
أمام كل عالم، لا تمد رجليك، تأدبا..
الإمام أبوحنيفة مدّ رجليه، وقال قولته المشهورة «لقد آن لأبي حنيفة أن يمدَّ رجليه، حين اكتشف جهل من كان يجلس إليه، بظنه أنه عالم، لكنه أظهر من الجهل ما أظهر، ما جعل أبا حنيفة يفتح فمه بالجملة التي سارت بها الركبان، إلى يوم الناس هذا!
لو كنته هو- أبا حنيفة- ما مددتُ رجلا. ما مددتُ رجلين.
لقد انذهل أبو حنيفة- وقد أخذته العزة بإثم المعرفة والعلم-عن العارف، والعالم. عن الله.
نعم، المعرفة حين تأخذها العزة، إثمٌ،
وكذا العلم.
أيها الناس: لا تمشوا في الأرض مرحا..
ولا تمدوا أرجلكم..
لا تمدوها.. يرحمكم الله بمعرفة منه.. ويرحمكم بعلم!

بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
24/04/2017
1201