+ A
A -
من بين كل التحديات التي سيتوجب على الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب مواجهتها، تثبت كوريا الشمالية انها كانت وستبقى المأزق الاكبر الذي يواجه كل وافد جديد للبيت الابيض بغض النظر عما اذا كان من النوع المؤمن باستراتيجية «الصبر الاستراتيجي» أو النزاع إلى اطلاق التصريحات النارية والتهديدات الصارمة.
وبعيدا عن هوية من يحكم البيت الابيض فان الثابت الوحيد هو انه ليست ثمة طريقة سهلة وواضحة للتعامل مع التهديد الكوري الشامل المتعاظم، وهو تهديد يعلم الساسة في البيت الابيض والبنتاغون بانه حقيقي وخطير ومدمر.
فبالنسبة للرئيس الكوري الشمالي اليافع كيم جونغ اون الذي يطلق عليه ساسة البيت الابيض لقب الفتى السمين، فإن التحدي بالنسبة له متعدد الوجوه، فهو من جهة مطالب بان يثبت لشعبه بانه رجل قوي لا يقل تصميما عن والده وجده اللذين حكما بيونغ يانغ بقبضة من حديد، كما انه مطالب بان يثبت للمجتمع الدولي بانه قادر في اية لحظة على اشعال حرب عالمية مدمرة اذا ما حاولت الولايات المتحدة استفزازه أو مهاجمة بلاده.
ولان المسألة بالنسبة لـ «اون» تتعلق ببقاء النظام نفسه ولانه شاهد حتما كيف سقطت انظمة كثيرة معادية للولايات المتحدة أو توشك على السقوط،فانه حتما لن يفكر مرتين في الضغط على كل ازرار اللعبة مرة واحدة وتدمير كل ما يمكن تدميره «حتى لو اضطر لاستخدام الأسلحة غير التقليدية» على اعتبار ان اية مواجهة ستقوم مستقبلا ستكون ذات طابع وجودي.
الولايات المتحدة من جهتها تعرف ان نظام بيونغ يانغ قادر على التسبب بأذي بالغ وربما «اذى لا يمكن اصلاحه» للدول المجاورة لها، وربما الوصول ابعد من ذلك فهذه الدولة باتت بارعة في صناعة الصواريخ العابرة للقارات وقد تمكنت في مناسبتين سابقتين من وضع قمرين صناعيين في مدار فضائي بجهود ذاتية، كما ان قدراتها على اطلاق الصواريخ طويلة المدى من غواصتها تزيد المشهد تعقيدا بالنسبة لصناع القرار الاميركيين الذين لا يعلمون تحديدا ما يمكن ان يواجهوه لو تطورت الأمور فجاة باتجاه المواجهة.
و حتى التجربة الصاروخية الكورية الشمالية التي اعلن عن فشلها مؤخرا قد تكون «افشلت» عن قصد لارسال رسالة بان بيونغ يانغ عازمة على المضي قدما في تطوير تراسانتها دون ان يصل الامر إلى استفزاز يؤدي إلى حرب، ولعل الكوريين الشماليين قد يعيدون الكرة عندما تهدأ الأمور بتجربة ناجحة لصاروخ باليستي جديد أو تجربة نووية سادسة ذات نطاق اكبر، تزيد من تعقيد الحسابات داخل واشنطن التي سيجد رئيسها ترامب نفسه مضطرا للتفكير جيدا في تقمص سياسة «الصبر الاستراتيجي» كما تقمص سياسات اخرى كان يهاجمها وهو بعيد عن الحكم!
بقلم : لؤي قدومي
copy short url   نسخ
19/04/2017
3228