+ A
A -
تشهد ساحة المواجهة بين الفلسطينيين والإسرائيليين تطورات مهمة للغاية يمكن أن تقلب المائدة على كل ما تم في الملف الفلسطيني. وحدهم الاسرائيليون الذين يتابعون هذه التطورات بقلق شديد بينما لا تعيرها الأنظار العربية اهتماما كافيا بعد أن أصبحت مشغولة بمتابعة ما يجري في سوريا أو اليمن أو ليبيا.

هناك انتفاضة ثالثة تتشكل وتتصاعد وتيرتها ومبادرة فرنسية تتساوق مع خطة أميركية مفاجئة تقضي بنقل الملف إلى مجلس الأمن وكلها عوامل تجعل إسرائيل تعيش صيفا مبكرا ساخنا تتحسب كثيرا لتداعياته على موقفها من مسيرة السلام المجمدة منذ العام 2014.

على الجانب الآخر، وبالتزامن مع انفجار الوضع في الأراضي المحتلة، استهلت فرنسا تفعيل مبادرتها التي كانت قد تحدثت عنها منذ بداية العام وقت أن كان لوران فابيوس وزيرا لخارجيتها (عرضها في 29 يناير) وتنصب علي عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط. ووفقا لتصريحات لأبو مازن فإن فكرة المبادرة الفرنسية تتلخص في أن يتوصل المؤتمر الدولي إلى وضع مبادئ لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هي تثبيت حدود 4 يونيو 1967 مع تبادل للأراضي بين الطرفين، وجعل القدس عاصمة مشتركة بين الدولتين، إلى جانب تحديد جدول زمني لإنهاء الاحتلال، علي أن تقوم فرنسا بتقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن باسم الفلسطينيين يبلور هذه المبادئ.

أميركيا كشفت صحيفة وول استريت جورنال عن أن لدي الولايات المتحدة خطة للحل تقوم علي السماح لمجلس الأمن بفرض حل علي الطرفين يشمل اعترافا إسرائيليا بالقدس الشرقية كعاصمة للفلسطينيين مقابل اعتراف فلسطيني بيهودية الدولة الإسرائيلية،وكذلك تجميد الاستيطان بشكل كامل في الضفة والقدس مع تبادل الأراضي علي أساس حدود يونيو 1967.

جديد المشهد إذن يتلخص في نقاط بالغة الأهمية هي:

1 - نهاية مسار أوسلو تماما ولا مهادنة فلسطينية لا اليوم ولا غدا مع استمرار الاحتلال.

2 - وضع مرجعية دولية جديدة بديلة للقرارين 242 و338 تصبح أساسا لحل الصراع.

3 - نقل الملف برمته إلى مجلس الأمن ليصبح راعيا لأية مفاوضات مستقبلية، وبناء عليه لن يستمر أسلوب المفوضات الثنائية المباشرة أو غير المباشرة، ويخرج الوسيط الأميركي من القصة بأكملها.

4 - فرض التنازلات المؤلمة علي الطرفين فيما يتعلق بقضايا الحل النهائي بالنسبة للحدود واللاجئين والأمن والقدس. السؤال الأهم، هل كل ذلك ممكن، أو هل أصبحت التنازلات المؤلمة قدرا لا فكاك منه؟

إسرائيل رفضت واستهجنت المبادرة الفرنسية ولا تخفي قلقها من تحول جوهري في الموقف الأميركي، بينما رحب عباس بالمبادرة وكان قد رحب هو وبقية الأطراف العربية بنقل الملف إلى مجلس الأمن، ولكنه يريد موافقة عربية صريحة علي التنازلات المؤلمة المطروحة وهو ما لم يحدث. المشهد مؤهل لوقوع زلزال سياسي مروع، متي يقع وما هي نتائجه، هذا ما تكشف عنه الأيام.



بقلم : عبدالعاطي محمد

copy short url   نسخ
19/03/2016
879