+ A
A -
أثبت الهجومان الإرهابيان اللذان استهدفا كنيستين للاقباط في طنطا والاسكندرية قبل ايام ان المعالجة الأمنية الصرفة التي انتهجها الجنرال السيسي منذ انقلابه على الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي عام 2013 قد اثبتت فشلها التام بل واغرقت مصر في دوامة من المشاكل التي سرعان ما تحولت إلى كوارث ونوازل ومصائب.
لقد اعتقد السيسي الذي قضى عمره في مؤسسة الجيش انه سيتمكن من الامساك بخناق مصر والمصريين عبر قتل المعارضين وسجنهم والتنكيل بهم وبناء المزيد من السجون وتشديد القبضة الأمنية واشغال الشعب المصري بلقمة عيشه من خلال الضرائب والاقتطاعات وحملات شد الحزام حينا والتسول حينا آخر، ليتبين اليوم انه يسير بمصر نحو الهاوية، لأنها ببساطة اكبر بكثير من قدرته على حكمها.
لقد حذر كثير من العقلاء السلطات الحاكمة في مصر الآن من الاستمرار في تبني الحل الأمني كطريق وحيد لمعالجة جميع مشاكل البلاد، وطالبوا مرارا وتكرارا بضرورة تبني عملية مصالحة مجتمعية حقيقية تهدئ النفوس وتضع مصر على طريق الخلاص.
ان وضع عشرات الآلاف من خيرة شباب مصر في السجون، ومنع تيار مؤثر داخل مصر من العمل السياسي وتسييس القضاء ومنح صلاحيات مطلقة للاجهزة الأمنية في التعامل مع المعارضين، هي من بين الاسباب التي ادت إلى التدهور الشامل في الوضع الأمني المصري، اذ بات من السهل على الجماعات الإرهابية استقطاب الشباب الساخط واليائس وسط وضع اقتصادي بالغ السوء تميزه معدلات بطالة لم يسبق لها مثيل.
صحيح ان تنظيم داعش قد تبنى الهجوم على الكنيستين، وصحيح ايضا ان السيسي يقول انه في مواجهة مفتوحة مع المسلحين المتطرفين، ولكن يجب ألا ننسى هنا ان ثمة سابقة لهجوم إرهابي على كنيسة مصرية تم في عهد الرئيس الاسبق حسني مبارك باشراف وزير داخليته آنذاك حبيب العادلي، ما يعني ان ثمة احتمالا بان تكون السلطات المصرية على علم بالهجوم وربما قد تغاضت عن المنفذين لفرض حالة الطوارئ التي يحتاجها السيسي بشدة في هذه المرحلة، ولكسب المزيد من تعاطف سيد البيت الابيض الذي يرى فيه جنرال مصر طوقا للنجاة باسم محاربة الإرهاب.
على مر تاريخ مصر الحديث، فشلت جميع المقاربات الأمنية في بسط الاستقرار وفرض شخص واحد بوصفه مخلص مصر واملها الوحيد، وما لم يفهم السيسي ان لا امل في الخلاص من الدوامة الحالية الا باعادة احياء القيم التي من اجلها قامت ثورة يناير، فان القادم قد يكون اسوأ بكثير!
بقلم : لؤي قدومي
copy short url   نسخ
12/04/2017
3084