+ A
A -
قد تكون فكرة مجنونة، وقد يصفها آخرون بعين العقل.
دعونا نبدأ.
في أحد مقاهي مدينة طرابزون في تركيا رأيت شيبة منشكحا على أريكة ويلعب بمسباحه ويرتدي ثوبه الخليجي.
لفت نظري أنه يعرف كل الموجودين في المقهى، وبالعامي «يمون» عليهم، ويعرف بعض لغتهم.
سألته: يا عم واضح أنك من زمان هنا.
قال: أنا مقيم هنا منذ سنوات، إقامة دائمة.
قلت باستغراب: وتركت بلدك وحياتك ومجتمعك؟
قال: أنا في الستين من عمري، وأديت ما علي تجاه أبنائي ووطني، وتقاعدت من الوظيفة، بعدها أحسست أنه آن لي أن أعيش ما بقي لي من حياة لنفسي فأقمت هنا.
قلت: أتترك مجتمعك الذي تعودت عليه وعشت فيه؟
نظر إلى ثم ابتسم ثم اعتدل في جلسته ثم قال:
سأقنعك الآن.
أنت لماذا تصلي وتصوم وتحج وتزكي وتعمل الحسنات وتمتنع عن عمل المعاصي؟
قلت: من أجل النجاة من النار ودخول الجنة.
قال: أحسنت هذا ما أريد، أنت تعمل كل ذلك من أجل دخول الجنة، فما هي الجنة؟
قلت: الجنة أنهار وأشجار وثمار وأمطار وظلال وفواكه وزروع وضروع وهواء نقي ولبن وصفاء معيشة.
قال: أحسنت، وهذه الأشياء موجودة في الدنيا الآن، ولكن بالطبع ليست بجودة نعيم الجنة لأنه يختلف جمالا ونعيما ومتعة.
قلت: صدقت.
قال: انظر حولك الآن، ألا ترى الجنة المصغرة؟ ألا ترى الأنهار والأشجار والثمار والأمطار والظلال والفواكه والزروع والضروع والهواء الخ..
نحن نعبد الله من أجل دخول جنة الآخرة، وهذا المطلوب، ولكن ما المانع أن ندخل جنة الدنيا إن استطعنا؟
ألم تمل من الغبار والحر والرطوبة والجفاف واللون الرملي المنتشر في كل مكان..
ابتسم في وجهي ثم سكت..
صعقني أذهلني أسكتني، ولكن ربما لم يقنعني.
بقلم : بن سيف
copy short url   نسخ
09/04/2017
1900